للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: إن ترتب على جواز نسخه الكذب والخلف في حق من لا يجوز عليه ذلك فلا يجوز نسخه ويلحق هذا القسم بالأخبار التي يوجبها العقل في عدم جواز نسخها.

الثاني: أنه إن لم يترتب على نسخه الكذب فلا يكون خبرا ويجوز نسخه.

ولقد لخص ابن أمير الحاج موقف العلماء من وقوع النسخ في الأخبار بقوله:

قال الجمهور: لا يجري النسخ في الأخبار سواء كانت ماضية أو مستقبلة؛ لأن النسخ فيها هو الكذب والشارع منزه عنه والحد فيه أن النسخ لا يجري في واجبات العقل بل في جائزاتها وتحقق المخبر به في خبر من لا يجوز عليه الكذب والخلف من الواجبات والنسخ فيه يؤدي إلى الكذب فلا يجوز. ثم ذكر أن هناك من العلماء من قال بجواز نسخ الأخبار مطلقا سواء كانت ماضية أو مستقبلة وعدا أو وعيدا ونسب هذه القول إلى الإمام الرازي والآمدي إذا كان مدلول الخبر مما يتغير. كما ذكر أن صاحب (كشف الأسرار) قد أسند هذا القول إلى بعض المعتزلة والأشعرية إذا كان مدلوله متكررا والإخبار عنه عاما. وهناك من العلماء من فرق بين أخبار الوعد وأخبار الوعيد فمنع النسخ في خبر الوعد؛ لأن فيه إخلافا في الإنعام والخلف في الإنعام محال على الله تبارك وتعالى. وأما الوعيد ففي جواز وقوع النسخ فيه حكمة بالغة وهو دليل على عفو الله وكرمه لا على خلفه (١) وخلاصة القول فيما يقع فيه النسخ في القرآن الكريم أنه يقع في الأحكام والفرائض والأوامر والنواهي والحدود والعقوبات من أحكام الدنيا باتفاق عامة العلماء وهو الذي عليه العمل عند فقهاء الأمصار وأما الأخبار فإن لعلماء الأصول في وقوع النسخ فيها من عدمه ثلاثة مذاهب:


(١) التقرير والتحبير ٣/ ٥٥ - ٥٦.