للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أن يكون الناسخ فرضا ونحن مخيرون في فعل الأول وتركه وكلاهما متلو وذلك نحو قوله تعالى {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا} (١) ففرض الله على الواحد المؤمن ألا ينهزم لعشرة من المشركين ثم نسخ ذلك بقوله {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ} (٢) ففرض على الواحد المؤمن ألا ينهزم لاثنين من المشركين فنسخ فرض فرضا وكلاهما متلو ولو وقف الواحد لعشرة من المشركين فأكثر لجاز فنحن مخيرون في فعل المنسوخ وتركه.

الثالث: أن يكون الناسخ أمر بترك العمل بالمنسوخ الذي كان فرضا من غير بدل ونحن مخيرون في فعل المنسوخ وتركه وفعله أفضل وذلك كنسخ الله-جل ذكره- قيام الليل وقد كان فرضا فنسخه بالأمر بالترك تخفيفا ورفقا بعباده ونحن مخيرون في قيام الليل وتركه وفعله أفضل وأشرف وأعظم أجرا. ثم ذكر مكي أن قوما قد زادوا في أقسام الناسخ قسما رابعا وهو أن يكون الناسخ فرضا نسخ ما كان ندبا غير فرض كالقتال كان ندبا ثم صار فرضا (٣)


(١) سورة الأنفال الآية ٦٥
(٢) سورة الأنفال الآية ٦٦
(٣) الإيضاح ص ٧٢ - ٧٦.