للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ريب أن الدعوة إلى هذا الأمر أعني التضامن الإسلامي وبذل ما يمكن من الجهود في تحقيقه من أهم الأمور ومن الواجبات المشتركة المتأكدة على حكومة هذه البلاد وعلى غيرها من ملوك المسلمين وزعمائهم وعلمائهم وأعيانهم ولكن حكومة هذه البلاد أولى الناس بالقيام بهذا الأمر وتحمل أعبائه وتكريس الجهود الممكنة في تحقيقه؛ لأن الله سبحانه قد أكرمها بخدمة الحرمين وجعلها محل آمال المسلمين بعد الله عز وجل ولديها من كرم الله وجوده من الإمكانات ما يعينها على ذلك، والمسلمون في كل مكان يرجون منها مضاعفة الجهود في هذا السبيل والصبر على ذلك حتى يحقق الله للمسلمين على يديها ما يرجون من عزة وكرامة وجمع كلمة واتحاد صف وحفظ كيان وانتشار للحق وإقامة للعدل ونشر للأمن والسلام في أرجاء المعمورة ويرجو المسلمون أيضا من سائر ملوكهم وزعمائهم وعلمائهم وأعيانهم بأن يضموا أصواتهم إلى صوت هذه الحكومة وجهودهم إلى جهودها وأن يشاركوها في تحمل عبء هذه الرسالة العظيمة والمسئولية الكبرى التي في تحقيقها سعادة الجميع وعزتهم في الدنيا والآخرة، وأن يبذلوا جميعا ما يستطيعون من الوسائل في نصر هذه الدعوة ومساندة الداعين إليها وشرح محاسنها ومصالحها لجميع الناس على اختلاف طبقاتهم حتى يتحقق للجميع إن شاء الله ما وراء هذه الدعوة المباركة من خير وأمن وسلام للجميع عملا بقول الله سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (١) وقوله سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢) وإمام الجميع في هذه الدعوة الخيرة وقدوتهم في هذا السبيل القيم هو نبيهم وسيدهم وقائدهم الأعظم نبينا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو أول من دعا هذه الأمة إلى توحيد ربها والاعتصام بحبله وجمع كلمتها على الحق والوقوف صفا واحدا في وجه عدوها المشترك وفي تحقيق مصالحها وقضاياها العادلة عملا بقوله تعالى مخاطبا له: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٣) وقوله عز وجل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (٤) وقد سار على نهجه القويم صحابته الكرام وأتباعهم بإحسان - رضي الله عنهم وأرضاهم - فنجحوا في ذلك غاية النجاح وحقق الله لهم ما وعدهم


(١) سورة آل عمران الآية ١١٠
(٢) سورة آل عمران الآية ١٠٤
(٣) سورة النحل الآية ١٢٥
(٤) سورة يوسف الآية ١٠٨