للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتختلف المذاهب الاقتصادية العالمية في تحديد المشكلة الاقتصادية وبالتالي في وضع الحلول السلمية لها.

فالنظام الاقتصادي الرأسمالي يرى أن المشكلة الاقتصادية تكمن في قلة الموارد الطبيعية للثروة وفي قلة عوامل الإنتاج. فالإنسان بالمفهوم الرأسمالي له حاجاته متعددة ومتجددة غير محدودة، ووسائل إشباع هذه الحاجات محدودة نسبيا سواء أكان الإنسان بما لديه من طاقة أو الأرض بما فيها من موارد، وعلى فرض استغلال الإنسان لطاقته وما في هذا الكون استغلالا كفؤا فإنه لا يستطيع تحقيق كل ما يرغب فيه. وقد عبر عن ذلك روبرت مالتس أستاذ التاريخ والاقتصاد بجامعة هاليبري بقوله: إن تكاثر السكان يجري وفق متوالية هندسية: ١ و٢ و٤ و٨ و١٦ و٣٢ وهكذا، بينما إمكانية الزيادة في الإنتاج الزراعي يجري وفق متوالية حسابية: ١ و٢ و ٣ و٤ و٥ و٦ وهكذا (١). ومن هنا تنشأ المشكلة الاقتصادية أو مشكلة الندرة. وهذه المشكلة لا بد لها من حل. والحل الأمثل لها عندهم أن يقوم التوزيع على أساس فردي وأن لا يكون للحاجة دور في التوزيع وأن يقتصر التوزيع على أساس العمل الحر. وفي ظل هذه الحرية التامة والتنافس بين الناس يحصل التقدم ويستطيع الإنسان إشباع رغباته في أوسع نطاق وبأقل تكلفة. فكل من المنتج والعامل يستغل طاقته وإمكاناته ويوجهها فيما يحقق له أعلى درجة من الربح، وبالتالي الرفاهية المنشودة من غير وضع أي قيد على صاحب المال أو العامل لأن من حق أي فرد في المجتمع أن يتصرف بماله ويستغل طاقته، ولا تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي إلا بالقدر الذي يتطلبه حفظ النظام العام وتوطيد الأمن، وهذا يحقق للرأسماليين ما يطمحون إليه من تنمية الثروة الكلية للمجتمع وبالتالي حل المشكلة الاقتصادية كما يزعون (٢).

وفي المذهب الماركسي تكمن المشكلة الاقتصادية في عدم تطور علاقات التوزيع مع شكل الإنتاج، ومهمة علماء الاقتصاد في نظر ماركس اكتشاف قوانين التطور التي جرى التاريخ وفقا لها والتي لا دخل للإنسان فيها مما يفرض على المجتمع تغييرا في علاقات


(١) أصول المذاهب الاقتصادية، لمصطفى كمال فايد ص٨٢ - ٨٣
(٢) المصدر نفسه ص٥٩، اقتصادنا لمحمد باقر الصدر ص٣٥٢ - ٣٥٤، ص٦٦٧