للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابعة: أعطى الإسلام لولي الأمر الحق في إقطاع من يرى من الرعية أرضا لا مالكا لها. وكان عمر رضي الله عنه يرى أن يؤخذ من المقطع له ما عجز عن عمارته. وتوزيعه على المسلمين المحتاجين مراعاة للمصلحة العامة ولمنع زيادة التفاوت الشديد بين دخل الأفراد، وقد فعل عمر ذلك (١). وقد رفض عمر رضي الله عنه أن يختم على الكتاب الذي كتبه أبو بكر لعيينة بن حصن وفيه أنه أقطعه قطيعة وعلل عمر رفضه بقوله: (لا أختم. أهذا كله لك دون الناس (٢) وفي رواية أخرى أن عمر رضي الله عنه بصق في الكتاب ومحاه وعندما رجع عيينة لأبي بكر ليجدد له الكتاب قال رضي الله عنه: (لا والله لا أجدد شيئا رده عمر) (٣).

الخامسة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفض قسمة أرض سواد العراق بين المقاتلين وبقي يتدارس الأمر مع الصحابة حتى وصلوا إلى إبقائها في يد أصحابها على أن يدفعوا الخراج. وكان مما قاله عمر: (لولا آخر الناس ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم أرض خيبر). وفعل عمر وموافقة الصحابة له رضي الله عنهم جميعا كان في دائرة نصوص ومقاصد الشرع فقد كان رضي الله عنه حريصا على أن يبقي مصدرا ثابتا ومتجددا لمالية الدولة الإسلامية يساعد منه كل محتاج في كل زمان ومكان وقد استدل عمر رضي الله عنه لما ذهب إليه بآيات سورة الحشر {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (٤) {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (٥) {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٦) {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٧)


(١) الخراج ليحيى بن آدم ص٩٣، الأموال لأبي عبيد ص ٣٦٨
(٢) الأموال لأبي عبيد ص٣٥١ - ٣٥٢، الأموال لابن زنجويه ٢/ ٦٢٤
(٣) الأموال لأبي عبيد ص٣٥٢، الأموال لابن زنجويه ٢/ ٦٢٣
(٤) سورة الحشر الآية ٧
(٥) سورة الحشر الآية ٨
(٦) سورة الحشر الآية ٩
(٧) سورة الحشر الآية ١٠