للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذهب الحنبلي

وأما المذهب الحنبلي فقد. . .

قال ابن قدامة: اختلف الرواية عن أحمد في جمع الثلاث، فروى عنه أنه غير محرم اختاره الخرقي، وهو مذهب الشافعي، وأبي ثور وداود، وروى ذلك عن الحسن بن علي وعبد الرحمن بن عوف، والشعبي، لأن «عويمرا العجلاني لما لاعن امرأته قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم (١)» - متفق عليه ولم ينقل إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وعن عائشة: «أن امرأة رفاعة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن رفاعة طلقني فبت طلاقي (٢)» متفق عليه، وفي حديث فاطمة بنت قيس، أن زوجها أرسل إليها بثلاث تطليقات. ولأنه طلاق جاز تفريقه فجاز جمعه كطلاق النساء.

وقد أجاب ابن قدامة عن أدلة القائلين بالإباحة جوابا إجماليا.

فقال: (٣) وأما حديث المتلاعنين فغير لازم، لأن الفرقة لم تقع بالطلاق، فإنها وقعت بمجرد لعان الزوج فلا حجة فيه.

ثم إن اللعان يوجب تحريما مؤبدا، فالطلاق بعده كالطلاق بعد انفساخ النكاح بالرضاعة أو غيره.

ولأن جمع الثالث إنما حرم لما يعقبه من الندم، ويحصل به من الضرر ويفوت عليه من حل نكاحها، ولا يحصل ذلك بالطلاق بعد اللعان لحصوله باللعان.

وسائر الأحاديث لم يقع فيها جمع الثلاث بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون مقرا عليه، ولا حضر المطلق عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أخبر بذلك لينكر عليه.


(١) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٥٩)، صحيح مسلم اللعان (١٤٩٢)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٠٢)، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٤٥)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٦٦)، موطأ مالك كتاب الطلاق (١٢٠١)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٢٩).
(٢) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٦٠)، صحيح مسلم النكاح (١٤٣٣)، سنن الترمذي النكاح (١١١٨)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٠٩)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٣٢)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٨)، سنن الدارمي الطلاق (٢٢٦٧).
(٣) المغني ومعه الشرح الكبير ٨/ ٢٤٢.