للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن طريق أحمد بن شعيب، أنا عمرو بن علي، نا يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبعي عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: طلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع، وهذا في غاية الصحة عن ابن مسعود فلم يخص طلقة من طلقتين من ثلاث.

فإن قيل: قد روى الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود وفيه: فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى.

قلنا نعم، هذا أيضا سنة، وليس فيه أن ما عدا ذلك حرام وبدعة، فإن قيل: قد رويتم من طريق حماد بن زيد، نا يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين، قال: قال علي بن أبي طالب: لو أن الناس أخذوا بأمر الله تعالى في الطلاق ما يبيح رجل نفسه في امرأة أبدا يبدأ فيطلقها تطليقة ثم يتربص ما بينها وبين أن تنقضي عدتها فمتى شاء راجعها.

قلنا: هذا منقطع عنه، لأن ابن سيرين لم يسمع من علي كلمة، ثم ليس فيه أيضا أن ما عدا ذلك معصية ولا بدعة لا يعلم عن الصحابة - رضي الله عنهم - غير ما ذكرنا، وأما التابعون فروينا من طريق وكيع عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن الشعبي قال: قال رجل لشريح القاضي: طلقت امرأتي مائة، فقال: بانت منك بثلاث، وسبع وتسعون إسراف ومعصية.

فلم ينكر شريح الثلاث، وإنما جعل الإسراف والمعصية ما زاد على الثلاث، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال؟: طلاق العدة أن يطلقها إذا طهرت من الحيضة بغير جماع.

قال أبو محمد: فلم يخص واحدة من ثلاث من اثنتين لا يعلم عن أحد من التابعين أن الثلاث معصية، صرح بذلك، إلا الحسن، والقول بأن الثالث سنة هو قول للشافعي وأبي ذر وأصحابهما.

وقال ابن أبي شيبة (١): " ومن رخص الرجل أن يطلق ثلاثا في مجلس " حدثنا أبو أسامة، عن هشام قال: سئل محمد عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا في مقعد واحد، قال: لا أعلم بذلك بأسا، قد طلق عبد الرحمن بن عوف امرأته ثلاثا فلم يعب عليه ذلك.

حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون عن محمد قال: كان لا يرى بذلك بأسا، حدثنا غندر عن شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، في رجل أراد أن تبين منه امرأته، قال: يطلقها ثلاثا.


(١) انظر مصنف ابن أبي شيبة الجزء الخامس، ص١١.