للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضاء. قال: وإذا أراد الإمام تولية أحد اجتهد لنفسه وللمسلمين، ومضى إلى أن قال: وأهل القضاء من كان عالما بالكتاب والسنة واجتهاد الرأي لقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ حين بعثه قاضيا إلى اليمن: «بم تقضي يا معاذ (١)» الحديث. ولأن القاضي مأمور بالقضاء بالحق إذا كان عالما بالكتاب والسنة واجتهاد الرأي؛ لأن الحوادث ممدودة والنصوص معدودة، فلا يجد القاضي في كل حادثة نصا يفصل به الخصومة، فيحتاج إلى استنباط المعنى من المنصوص عليه، وإنما يمكنه ذلك إذا كان عالما بالاجتهاد، ومضى إلى أن قال: ولا ينبغي أن يكون صاحب حديث لا فقه عنده أو صاحب فقه لا حديث عنده، عالما بالفقه والآثار، وبوجه الفقه الذي يؤخذ منه الحكم. قال عمر بن عبد العزيز: من راقب الله تعالى فكانت عقوبته أخوف في نفسه من الناس وهبه الله السلامة.

٢ - قال (٢) الكاساني في الكلام على من يصلح للقضاء بعد أن ذكر جملة من الشروط: وأما العلم بالحلال والحرام وسائر الأحكام فهل هو شرط جواز التقليد؟ عندنا ليس بشرط الجواز بل شرط الندب والاستحباب، وعند أصحاب الحديث كونه عالما بالحلال والحرام وسائر الأحكام مع بلوغ درجة الاجتهاد في ذلك شرط جواز التقليد، كما قالوا في الإمام الأعظم، وعندنا هذا ليس بشرط الجواز في الإمام الأعظم؛ لأنه يمكنه أن يقضي بعلم غيره بالرجوع إلى فتوى غيره من العلماء فكذا القاضي، لكن مع هذا لا ينبغي أن يقلد الجاهل بالأحكام؛ لأن الجاهل بنفسه ما يفسد أكثر مما يصلح، بل يقضي بالباطل من حيث لا يشعر به - وبعد سياقه الحديث " القضاة ثلاثة " قال: إلا أنه لو قلد جاز عندنا؛ لأنه يقدر على القضاء بالحق بعلم غيره بالاستفتاء من الفقهاء، فكان تقليده جائزا في نفسه فاسد المعنى في غيره، والفاسد لمعنى في غيره


(١) سنن الترمذي الأحكام (١٣٢٧)، سنن أبو داود الأقضية (٣٥٩٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٤٢)، سنن الدارمي المقدمة (١٦٨).
(٢) بدائع الصنائع ٧/ ٣.