للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الأدلة واستنباط الأحكام منها ذلك هو المجتهد المطلق أو المقيد بخلاف الأول فإنه يمكن لمن هو دون ذلك.

وقال أيضا على قول صاحب تنوير الأبصار " ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا " أي لا يجوز له مخالفة الترتيب المذكور إلا إذا كان له ملكة يقتدر بها على الاطلاع على قوة المدرك، وبهذا رجع القول الأول إلى ما في الحاوي من العبرة في المفتي المجتهد لقوة المدرك، نعم فيه زيادة تفصيل سكت عنها الحاوي، فقد اتفق القولان على أن الأصح هو أن المجتهد في المذهب من المشايخ الذين هم أصحاب الترجيح لا يلزمه الأخذ بقول الإمام على الإطلاق، بل عليه النظر في الدليل وترجيح ما رجح عنده دليله، ونحن نتبع ما رجحوه واعتمدوه كما لو افتوا في حياتهم. . . إنه إن لم يكن مجتهدا فعليه تقليدهم واتباع رأيهم فإذا قضى بخلافه لا ينفذ حكمه.

٦ - قال (١) الكاساني: فأما إذا لم يكن من أهل الاجتهاد فإن عرف أقاويل أصحابنا وحفظها على الاختلاف والاتفاق عمل بقول من يعتقد قوله حقا على التقليد، وإن لم يحفظ أقاويلهم عمل بفتوى أهل الفقه في بلده من أصحابنا، وإن لم يكن في البلد إلا فقيه واحد، فمن أصحابنا من قال له أن يأخذ بقوله، ونرجو ألا يكون عليه شيء لأنه إذا لم يكن من أهل الاجتهاد بنفسه وليس هناك سواه من أهل الفقه مست الضرورة إلى الأخذ بقوله، قال الله تبارك وتعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٢) ولو قضى بمذهب خصمه وهو يعلم ذلك فلا ينفذ قضائه، لأنه قضى بما هو باطل عنده في اعتقاده فلا ينفذ كما لو كان مجتهدا، فترك رأي نفسه وقضى برأي مجتهد يرى رأيه باطلا؛ فإنه لا ينفذ قضاؤه


(١) بدائع الصنائع ٧/ ٥.
(٢) سورة النحل الآية ٤٣