وقد ظل اليهود يتألمون من هذه المسرحية ويكافحون ضد ظهورها، ولولا أن القيمة الأدبية لها قد حمتها لكانت قد اختفت من الآثار الثقافية.
وقد ظلت القوانين في البلاد المسيحية تحرم الربا، فلما جاءت الثورة الفرنسية في عام ١٧٨٩ م أباحت الفائدة على القروض في حدود معينة وانتقلت هذه الإباحة إلى تقنين نابليون الصادر عام ١٨٠٤ م والنافذ حتى الآن في فرنسا، ثم صدر في فرنسا عام ١٨٠٨ م قانون يحدد السعر القانوني للفائدة بـ ٥ % في المسائل المدنية و ٦ % في المسائل التجارية، وفي ٥ أغسطس عام ١٩٣٥ م صدر قانون يجعل من يتقاضى فوائد زائدة عن حدود معينة مرتكبا جريمة الربا، وبالمثل اعتبرت المادة ٦٤٤ من القانون الجنائي الإيطالي الجديد من يتقاضى فوائد زائدة عن حدود معينة مرتكبا جريمة الربا.
وهكذا نرى أن الضمير الإنساني لم يستطع حتى الآن أن يتخلص من كراهيته للربا واعتباره جريمة وعملا غير أخلاقي، وإن تسامح في حدود معينة ونسب محددة للفائدة يتحكم واضع القانون في تقييمها بين وقت وآخر.
أما الإسلام فقد جاء بنصوص قاطعة الدلالة، قاطعة الثبوت على تحريم ربا النسيئة (أو أخذ زيادة في القرض عن رأس المال مقابل الأجل) ووردت بذلك آيات سورة البقرة التي قررت أن الدائن لا يجوز له أن يأخذ زيادة عن رأس ماله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}(١) أي لا تظلمون المدين يأخذ زيادة عن رأس المال، كما وردت بذلك الأحاديث الصريحة المتواترة تواترا معنويا، ثم أجمعت على ذلك الأمة، وقد وجد النزاع بين العلماء قديما وحديثا في صور عديدة من التعامل هل تدخل في الربا، ولكن طوال القرون الماضية لم يوجد نزاع (بل لم ينقل) حول ربا النسيئة، فالأمة متفقة على تحريمه بكل صوره سواء كان قليلا أم كثيرا.