كتاب مجلة البحوث الإسلامية

مخطوطة حجة التحذير في المنع من لبس الحرير - مقدمة - ج: 31 - ص: 168

واستمرارها {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (١). وسبب أيضا في صرف غضب الله ونقمته {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} (٢).

ولا يقتصر الشكر على النطق باللسان فحسب، وإنما المداومة على الطاعات، كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل دون ملل أو ضجر، حتى إنه كان يقول لمن لامه على كثرة القيام والتهجد: «أفلا أكون عبدا شكورا (٣)».

وظهور أثر النعمة على العبد كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده (٤)». واستخدامها فيما يرضي الله، أو فيما أباحه دون تخط للحدود أو تطاول على الشرع {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} (٥) {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (٦) {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٧) كلها مظاهر أصيلة تعبر عن الشكر.

وحين يذهب الإنسان إلى استثمار نعم الله في معاصيه، فقد أخل إخلالا عظيما بواجب الشكر، وكفر النعمة. وهناك مع الأسف بين المسلمين - ممن أفاء الله عليهم - من ينفق أمواله في وجوه السرف والمخيلة والتباهي، والله تعالى يقول: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (٨) ويقول: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} (٩). وفي الحديث: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في

---

(١) سورة إبراهيم الآية ٧
(٢) سورة النساء الآية ١٤٧
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح رقم ١١٣٠، ٤٨٣٦، ٦٤٧١، ومسلم في الصحيح رقم ٢٨١٩، وأحمد في المسند ٤/ ٢٥١، ٢٥٥ من حديث المغيرة بن شعبة، وأخرجه أبو يعلى في المسند رقم ٢٩٠٠ من حديث أنس.
(٤) أخرجه أبو داود في السنن رقم ٤٠٦٣، والترمذي في الجامع رقم ٢٨٢٠، وأحمد في المسند ٢/ ٣١١، واللفظ له من حديث أبي هريرة.
(٥) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٦) سورة الطلاق الآية ١
(٧) سورة المائدة الآية ٦
(٨) سورة الأعراف الآية ٣١
(٩) سورة غافر الآية ٤٣