للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يدل على هذا الذكاء المتميز أنه كان يتقن القراءة والكتابة إتقانا يؤهله لكتابة الوحي، مع كل ما تتطلبه هذه المهمة من نباهة ودقة وهو في سن الحادية عشرة.

وقد رأى فيه الرسول الكريم مخايل الذكاء حين قدم الرسول المدينة مهاجرا من مكة، فكلفه بتعلم لغة اليهود - رغم صغر سنه - لأنه عليه الصلاة والسلام كان لا يأمن أن يدس عليه اليهود في معاهداتهم معه شيئا وهو لا يعلم، فأقبل زيد على تعلم لغة اليهود، فتعلمها تحدثا وكتابة في سبعة عشر يوما فقط، وهذا أمر لا يتأتى إلا لشخص خارق الذكاء، قوي الحافظة، روى ابن حجر في الإصابة، عن خارجة بن زيد، عن أبيه زيد بن ثابت قال: أتي بي النبي صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة، فقيل هذا من بني النجار. وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه، فأعجبه ذلك، فقال: «تعلم لغة يهود، فإني ما آمنهم على كتابي (١)»، ففعلت، فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب إليه، وإذا كتبوا إليه قرأت له. وفي رواية: إني أكتب الحقوق فأخاف أن يزيدوا علي أو ينقصوا، فتعلم السريانية، فتعلمتها في سبعة عشر يوما (٢). .

وما أظن أن إنسانا يتعلم لغة قوم تحدثا وكتابة في سبعة عشر يوما إلا وهو في الغاية من الذكاء وحدة الذهن.


(١) سنن الترمذي الاستئذان والآداب (٢٧١٥)، سنن أبو داود العلم (٣٦٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٨٦).
(٢) الإصابة برقم ٢٨٨٢ ودائرة المعارف الإسلامية مادة زيد بن ثابت