الرسول صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية قبل هذا التاريخ، وأعادت هذه الرواية أن تعلمه يعود إلى مقدم الرسول من مكة إلى المدينة، فقد روى خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد بن ثابت، قال: أتي بي النبي مقدمه المدينة - وفي رواية الإمام أحمد: «لما قدم الرسول المدينة - فقيل: هذا غلام من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه، فأعجبه ذلك، فقال: هل تحسن السريانية؟ قلت: لا، فقال: تعلم لغة يهود، فإني ما آمنهم على كتابي - ففعلت فما مضى لي نصف شهر - وفي رواية: سبعة عشر يوما - حتى حذقته، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له (١)». .
فقوله في هذه الرواية:«أتي النبي مقدمه المدينة» تفيد فور مقدمه المدينة أو بعيد مقدمه إليها بقليل، وهذا هو الأرجح، والله أعلم.
وأما اللغة الثانية: فهي اللغة الفارسية، وقد عرفنا ذلك من رواية ساقها الطبري في تاريخه في سياق حديثه عن إسلام القائد الفارس الهرمزان، وخلاصة ذلك: أنه أتي عمر بن الخطاب بالهرمزان بعد أسره، فجعل عمر يحاوره، فطلب الهرمزان الأمان من عمر بن الخطاب حتى يشرب كأس ماء طلبها، فأعطاه عمر الأمان حتى يشربها، فألقاها الهرمزان فلم يشربها، وحصل على الأمان من عمر بالحيلة والمكر، وكان الترجمان بين عمر بن الخطاب والهرمزان - الذي يتكلم الفارسية - هو المغيرة بن شعبة إلى أن جاء الترجمان، وكان المغيرة يفقه شيئا من الفارسية، فقال عمر للمغيرة: قل له من أي أرض أنت؟ فقال المغيرة - مترجما: أز كدام أرضي، فقال: مهرجاني، فقال عمر: تكلم بحجتك يا هرمزان، فقال الهرمزان: كلام حي أو ميت؟ قال عمر: بل كلام حي، قال الهرمزان: قد أمنتني، قال عمر: خدعتني، إن للمخدوع في الحرب حكمه، لا الله لا أؤمنك حتى تسلم، فأيقن أنه القتل أو الإسلام، فأسلم، ففرض له عمر على ألفين، وأنزله المدينة، وقال للمغيرة: ما أراك حاذقا - أي