للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يرو له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى اثنين وتسعين حديثا، اتفق البخاري ومسلم على خمسة منها، وانفرد البخاري بأربعة منها، وانفرد مسلم بحديث واحد (١). .

ولكن زيد بن ثابت رضي الله عنه كان دقيقا في روايته للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الدقة نقله مقرونا بالظرف الذي قيل فيه الحديث، بخاصة إن كان لهذا الظرف تأثير في الحكم، نذكر - من ذلك على سبيل المثال ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن قبيصة بن ذؤيب: «أخبرت عائشة آل الزبير أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى عندها ركعتين بعد العصر (٢)»، فكانوا يصلونها، قال قبيصة: فقال زيد بن ثابت: يغفر الله لعائشة نحن أعلم برسول الله من عائشة، إنما كان ذلك لأن ناسا من الأعراب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهجير، فقعدوا يسألونه ويفتيهم حتى صلى العصر، فانصرف إلى بيته، فذكر أنه لم يصل بعد الظهر شيئا، فصلاهما بعد العصر (٣). .

وسمع زيد بن ثابت أن رافع بن خديج يحدث عن رسول الله بالنهي عن تأجير المزارع، فقال زيد: أنا والله أعلم بالحديث منه، «إنما أتاه رجلان من الأنصار قد اقتتلا، فقال رسول الله: إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع (٤)» فسمع رافع بن خديج آخر الحديث «لا تكروا المزارع (٥)». . وفي رواية عبد الرزاق: قال زيد بن ثابت: يغفر الله لرافع بن خديج، والله ما كان هذا الحديث هكذا، «إنما كان لذلك الرجل أكرى لرجل أرضا، فاقتتلا واستبا بأمر تدارءا فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان هذا شأنكم فلا تكروا الأرض (٦)» فسمع رافع آخر الحديث، ولم يسمع أوله (٧). وكان زيد بن ثابت يكره كتابة الحديث، وكان يرى أن نهي الرسول عن كتابة الحديث كان عاما


(١) عنوان النجابة ص ٩٩
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٨٥).
(٣) مسند الإمام أحمد ٥/ ١٨٥
(٤) سنن النسائي كتاب الأيمان والنذور (٣٩٢٧)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٩٠)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٦١)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٨٢).
(٥) أبو داود في البيوع باب المزارعة، والنسائي في المزارعة باب النهي عن كراء الأرض ومسند الإمام أحمد ٥/ ١٨٧ وشرح الزرقاني ٣/ ٣٧٦ والمغني ٥/ ٣٨٥
(٦) سنن النسائي كتاب الأيمان والنذور (٣٩٢٧)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٩٠)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٦١)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٨٢).
(٧) عبد الرزاق ٨/ ٩٧