للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على منبر وعظه، وكان يقول: " ما عرفت واعظا فسر القرآن كله في مجلس الوعظ منذ نزل القرآن، فالحمد لله المنعم " (١).

ولقد بلغت مؤلفاته وتصانيفه في القرآن وعلومه سبعة وعشرين كتابا كان من أبرزها كتابه الشهير " زاد المسير في علم التفسير " (٢).

وكان من المبرزين في التاريخ المتوسعين فيه، فكتب وترجم لكبار الصحابة والفقهاء، أما في الوعظ فكان وحيد عصره ونابغة قرنه، بدليل تسابق العامة والخاصة والأمراء والخلفاء على مجالس وعظه، وكان الناس يقصدونه للتوبة على يديه، ولقد حضر بعض هذه المجالس الرحالة العربي ابن جبير عند زيارته لبغداد عام خمسمائة وثمانين من الهجرة، وقد أطنب في وصفها وتأثيرها العام في المجتمع حتى قال: " تساقطوا عليه تساقط الفراش على المصباح " (٣) وقال ابن رجب: " إذا وعظ اختلس القلوب وتشققت النفوس دون الجيوب " (٤)، وكان ابن الجوزي كذلك أديبا ومحدثا، ويرتجل ما يريد ارتجاله، وقد حفظت لنا المصادر بعض أشعار ابن الجوزي ووصفتها بأنها حسنة أو فائقة أو لطيفة (٥).

وكان له مؤلفات وتصانيف كثيرة، وقد ذكرت بعض المصادر أن الكراريس التي كتبها ابن الجوزي لو جمعت وقسمت على أيام حياته لكان له في كل يوم تسع كراريس (٦).

وقد اختلف المؤرخون في عدد تصانيف ابن الجوزي ما بين الثلثمائة والأربعمائة مصنف (٧).

ولهذا فقد وصل ابن الجوزي إلى مكانة علمية لم يتوصل إليها أحد قبله وبلغ منزلة لم يرق إليها عالم قط.


(١) المنتظم جـ ١٠ ص ٢٥١.
(٢) مؤلفات ابن الجوزي للعلوجي ص ٢٢٢، ٢٢٣.
(٣) ابن جبير: الرحلة ص ٢٠٨، ٢٠٩.
(٤) الذيل على طبقات الحنابلة جـ ١ ص ٤١٣.
(٥) تذكرة الخواص: سبط ابن الجوزي ص ٤٦.
(٦) وفيات الأعيان جـ ٣ ص ١٤١.
(٧) شذرات الذهب جـ ٤، ص ٣٣١.