للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأطراف من شواذها، ونقل توجيهها في العربية عن أئمة هذا العلم (١). ومعنى ذلك أنه كان يذكر مشهور القراءات ثم يذكر التوجيه التي توجه إليه، والمعنى الذي يقصد منها على ذلك التوجيه. فنرى مثلا عند ذكره وتفسيره لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٢) الآية ١٤٣ من سورة البقرة " يقول " لرءوف " قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم (لرءوف) على وزن لرعوف في جميع القرآن، ووجهها أن فعولا أكثر في كلامهم من فعل، فباب ضروب وشكور أوسع من باب حذر ويقظ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر بن عاصم (لرؤف) على وزن رعف. ويقال هو الغالب على أهل الحجاز: قال جرير:

ترى المسلمين عليك حقا ... كفعل الوالد الرؤف الرحيم

وعند قوله تعالى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} (٣) الآية ١٦٥ من سورة البقرة. قرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي (يرى) ومعناه لو يرون عذاب الآخرة لعلموا أن القوة لله جميعا. وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب (ولو ترى) بالتاء على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد به جميع الناس وجوابه محذوف تقديره لرأيتم أمرا عظيما. كما تقول: لو رأيت فلانا والسياط تأخذه. وإنما حذف الجواب لأن المعنى واضح بدونه، قال أبو علي: وإنما قال " إذ " ولم يقل " إذا " وإن كانت " إذ " لما مضى لإرادة تقريب الأمر فأتى بمثال الماضي، وإنما حذف جواب لو لأنه أقحم لذهاب المتوعد إلى كل ضرب من الوعيد. وقرأ أبو جعفر (إن القوة لله) بكسر الهمزة فيها على الاستئناف كأنه يقول: فلا يحزنك ما ترى من محبتهم أصنامهم: إن القوة لله جميعا (٤).

وعند قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (٥)


(١) زاد المسير جـ ١ ص ١٥٦.
(٢) سورة البقرة الآية ١٤٣
(٣) سورة البقرة الآية ١٦٥
(٤) زاد المسير جـ ١ ص ١٧٠، ١٧١.
(٥) سورة العنكبوت الآية ٦٦