للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكنت قد سجلت بعض ملاحظتي حول هذه الظاهرة الزائغة أثناء مطالعتي لكتاب النهاية لابن الأثير (٦٠٦ هـ)، فأحببت أن أصوغها في مقالة، وألفت بها أنظار المستفيدين من كتاب النهاية، ومصادره (١) ليكونوا على حذر من هذه التأويلات الفاسدة التي دخلت في كتب الغريب من جهة المعتزلة، والأشاعرة، وغيرها وكادت أن تقع موقعا حسنا في قلوب المستفيدين منها. ومن هنا يجدر بي أن أذكر ملخص أقوال أئمة أهل السنة في باب الصفات، ثم أناقش ما ورد في كتب غريب الحديث من تأويلها، فأقول:

قال الترمذي " وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم روايات كثيرة مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم، وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء. والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وابن المبارك، ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء وقالوا: تروى هذه الأحاديث، ونؤمن بها، ولا يقال: كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا يتوهم، ولا يقال: كيف؟، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه " (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية نقلا عن الوليد بن مسلم أنه قال: " سألت مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات فقالوا: أمروها كما جاءت - وفي رواية - قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف " (٣).

ونقل عن مالك أنه قال: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة " (٤).


(١) وهي كتاب الغريبين للهروي، والمجموع المغيث لأبي موسى، والفائق للزمخشري وغير ذلك.
(٢) الترمذي مع التحفة (٣/ ٣٣٦).
(٣) الفتوى الحموية الكبرى (٢٤).
(٤) الفتوى الحموية الكبرى (٢٤).