للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا تأويل مخالف لأحاديث الضحك الكثيرة، منها ما رواه ابن مسعود في آخر أهل النار خروجا، وفيه:

" أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟، فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ " (١)، وانظر (٢) ومنها ما رواه أبو رزين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال.

«ضحك ربنا من قنوط عباده، وقرب غيره، قال: قلت: يا رسول الله أو يضحك الرب عز وجل؟ قال: نعم، قال: لن نعدم من رب يضحك خيرا (٣)». .

وسئل أبو عمر الزاهد غلام ثعلب - الذي ألف كتابا في غريب مسند الإمام أحمد (٤). عن معنى الضحك في هذا الحديث، فقال:

" الحديث معروف، وروايته سنة، والاعتراض بالطعن عليه بدعة، وتفسير الضحك تكلف وإلحاد " (٥) يريد أبو عمر بذلك أن معنى الضحك في الحديث واضح، لا خفاء به، فمن ترك المعنى المتبادر، والمفهوم الظاهر منه، ولجأ إلى تفسيره بما لا يلائم الظاهر فقد تكلف في التأويل وألحد في صفة من صفات الله تعالى.

هذا، وما قدمناه كنماذج لتأويل الصفات الذي أدى إلى التعطيل، أخذا من كتب غريب الحديث، يكفي لإظهار ما فيها أو في معظمها من أفكار التجهم


(١) مسلم ٣/ ٤٣
(٢) التوحيد لابن خزيمة (٢٣١). .
(٣) مسند أحمد ٤/ ١١، ١٢
(٤) انظر تاريخ بغداد ٢/ ٣٥٨
(٥) طبقات الحنابلة ٢/ ٦٩. .