للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئا قد خالف فيه الناس فهو الشاذ، يعني المردود وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يروه غيره، بل هو مقبول إذا كان عدلا ضابطا حافظا " (١).

وعرف ابن القيم الشاذ بما يلي: " وإنما الشذوذ أن يخالف الثقات فيما رووه. فأما إذا روى الثقة حديثا منفردا به ولم يرو الثقات خلافه، فإن ذلك لا يسمى شاذا " (٢).

ومن أمثلة الحديث الشاذ ما يلي: " ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن أبي هريرة مرفوعا: «إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه (٣)». قال البيهقي خالف عبد الواحد العدد الكثير في هذا، فإن الناس إنما رووه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله. وانفرد عبد الواحد من بين ثقات أصحاب الأعمش بهذا اللفظ " (٤).

أما الحديث المحفوظ فهو عكس الشاذ، وفي المثال السابق يكون المحفوظ هو ما رواه الجماعة من «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضطجع عن يمينه بعد ركعتي الفجر (٥)». والحديث وارد في الكتب الصحيحة منها ما أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة (٦)».

أما حكم الحديث الشاذ فهو الرد لمخالفته للحديث المحفوظ الذي يقبله علماء المصطلح.


(١) الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث: ٥٥.
(٢) إغاثة اللهفان: ١٦٠.
(٣) سنن الترمذي الصلاة (٤٢٠)، سنن أبو داود الصلاة (١٢٦١)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١١٩٩).
(٤) علوم الحديث ومصطلحه: ٢٠٠ - ٢٠١.
(٥) صحيح البخاري الجمعة (١١٦٠)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١١٩٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٩).
(٦) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من انتظر الإقامة ٢/ ١٠٩ (من صحيح البخاري بشرحه فتح الباري).