للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكمة مشروعيتها أنها طهرة للمال وتزكية، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (١) وفي الحديث: «ما نقص مال عبد من صدقة (٢)». وفيها مواساة للفقراء وعطف عليهم وتأمين كفايتهم المعيشية ممن أقعدهم العجز عن العمل.

وهي واجبة في كل مال نام بالفعل أو بالقوة، فتجب في أموال بهيمة الأنعام بشروطها، وفي الخارج من الأرض من كل مطعوم يكال ويدخر، وفي عروض التجارة من كل مال مباح للتجارة سواء أكان ثابتا كالعقار، أو منقولا كسائر أنواع وأجناس البضائع والسلع، وهذه الأجناس الثلاثة من الأموال- بهيمة الأنعام، الخارج من الأرض، عروض التجارة- هي في الغالب أموال نامية بالفعل، إذ هي محل النماء والكثرة بحكم تهيئها لذلك، سواء أكان ذلك من حيث تكاثرها ونموها، أم كان ذلك من حيث تهيؤها للزيادة في قيمها السوقية. كما تجب الزكاة في الأموال النامية بالقوة، وهي الأثمان بمختلف أجناسها وأنواعها من ذهب وفضة وأوراق نقدية وغير ذلك مما يعد ويعتبر ثمنا تجتمع فيه خصائص الثمنية.

وهناك أجناس من الأموال موضع خلاف بين العلماء في وجوب الزكاة في أثمانها، كالعقارات المعدة للاستغلال على سبيل الكراء، وكالحلي المعد للاستعمال، أو العارية وغير ذلك مما ذكره الفقهاء رحمهم الله تعالى في كتبهم الفقهية في كتاب الزكاة.

وحيث إن موضوع هذا البحث ليس في استعراض الأموال الواجبة فيها الزكاة وما لأهل العلم فيها من نظر وتأصيل وتفصيل، فقد آثرنا الاكتفاء بذكر الأموال التي هي في الواقع محل إجماع بين أهل العلم في وجوب الزكاة فيها، ذكرت هذه الأموال بصفة إجمالية تمهيدا للدخول في صميم البحث.


(١) سورة التوبة الآية ١٠٣
(٢) الجامع الصحيح (سنن الترمذي) ج٤ كتاب الزهد ص٥٦٢ رقم ٢٣٢٥