للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية:

وظيفة الرسل والدعاة من بعدهم مقصورة على البلاغ وإيصال الحق إلى الناس، وليسوا مسئولين عن هدايتهم واعتناقهم للدين واعتقادهم الحق، فالمهمة هي البلاغ والإرشاد والمناصحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما الاهتداء والإيمان فليس إلى الرسل ولا الدعاة.

وهذا يؤكد جانبا من جوانب الحرية ألا وهو تحرر الإنسان من كل رقابة بينه وبين خالقه، فالعلاقة مباشرة بين الإنسان وربه من غير واسطة أو تدخل من أحد مهما كانت منزلته، سواء أكان ملكا أو نبيا أو غير ذلك.

ومما يؤكد ذلك في القرآن الكريم ما جاء في حق محمد صلى الله عليه وسلم {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} (١) {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} (٢)

الثالثة:

واقع غير المسلمين في بلاد المسلمين:

عاش الذميون وغيرهم في كنف الدولة الإسلامية دون أن يتعرض أحد لعقائدهم ودياناتهم، بل لقد جاء في الكتاب الذي كتبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أول قدومه المدينة ليرسم به منهجا ودستورا في التعامل: «ومن تبعنا من يهود فإنه له النصرة والأسوة. . لليهود دينهم وللمسلمين دينهم. . وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم (٣)»، وأقرهم على دينهم وأموالهم كما كان الحال مشابها مع نصارى نجران.

وصحابة الرسول من بعده ساروا على طريقه في معاملة غير المسلمين، فكان من أقوال خليفته أبي بكر رضي الله عنه لبعض قواده: " أنتم سوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ".

ومن وصايا الخليفة الثاني عمر: " أوصي بأهل الذمة خيرا أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من وراءهم، وألا يكلفوا فوق طاقتهم ".


(١) سورة الغاشية الآية ٢١
(٢) سورة الغاشية الآية ٢٢
(٣) سيرة ابن هشام جـ ٢ ص ١٤٨ - ١٤٩ وتاريخ ابن كثير جـ ٣ ص ٢٤٦ - ٢٤٧.