للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحسن ما قيل في حد السكران الذي لا يميز أنه الذي لا يعلم ما يقول لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (١) الآية ٤٣ سورة النساء.

والذي يتناول من هذه المواد والعقاقير المخدرة لا يخلو حاله من واحدة من هاتين الحالتين، بل إن الحالة الأولى بهم أغلب وبحالهم أنسب فإننا نرى أن أكثر المتعاطين لهذه المواد والمدمنين عليها يشربون ويباشرون الأعمال ويتصرفون مع وجود نشوة السكر التي تظهر على أحدهم عدم الانضباط في بعض الكلام والحركات وملامح الوجه. وبما أن الأمر كذلك فإنهم مؤاخذون بما يتكلمون به من طلاق وعتاق وإقرار ونفي وإثبات وإن تعدوا في خلال سكرهم هذا فقتلوا أو جرحوا لزم القود منهم والقصاص (٢) والدليل على ذلك:

(١) أن أكثر أهل العلم جعلوا جميع تصرفات السكران الفاقد للعقل القولية والفعلية لازمة له، مؤاخذا بما يترتب عليها (٣) فأولى أن يؤاخذ من لم يصل في سكره إلى حد سقوط التكليف.

(٢) أن البعض ممن يشرب المخدرات بل أكثرهم يشربها بقصد أن تكسبه قدرة على ارتكاب المحرمات وفعل المنكرات، فالأولى أن يؤدب هؤلاء بمؤاخذتهم بكل تصرفاتهم جزاء وفاقا.

(٣) أن هذا الصنف من السكارى هم الذين حصلت بسببهم كثير من المصائب الفادحة: انتهاك للأعراض وسفك الدماء وتعد على الأبرياء.

بقي أن نبين حكم تصرفات من غاب عقله وفقد التمييز بين حقائق الأشياء بسبب تناوله لهذه المواد. وسيشمل الكلام المسائل الآتية:

١ - حكم طلاق السكران بسبب تناوله شيئا من هذه المواد.

٢ - حكم معاملات من غاب عقله بتناوله لهذه المواد.


(١) سورة النساء الآية ٤٣
(٢) انظر النية وأثرها في الأحكام الشرعية د / صالح السدلان المرجع السابق في هامش " ١ " جـ ٢ ص٨٩٢.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ١١/ ٢٠٠.