للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه الناس من الخطأ العظيم في هذا الباب وغيره، لأنهم مسئولون عنهم أمام الله يوم القيامة قال تعالى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (١)، وكذا الاعتقاد أن بني هاشم ذنبهم مغفور ولو فعلوا ما فعلوا وهذا غاية الجهل والضلال. فإن الله لا ينظر إلى الأحساب والأنساب والأموال وإنما ينظر إلى القلوب والأعمال فمن امتثل أوامره واجتنب نواهيه ولازم التقوى وابتعد عن المعاصي والمخالفات فهو الكريم عند الله سواء كان عربيا أو عجميا، وسواء كان من بني هاشم أو من غيرهم فالأحساب والأنساب لا تنفع أحدا كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (٢)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم (٣)»، وقال: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب (٤)» وهذا أبو طالب. وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينفعه قربه من رسول الله ونسبه العريق، وقد حرص رسول الله على أن يشهد أن لا إله إلا الله حتى يحاج له بها عند الله فلم يفعل؛ لأن الله سبحانه كتب في الأزل أنه يموت على دين الآباء والأجداد وهو الشرك وعبادة الأصنام، ونهى الله نبيه عن الاستغفار له فقال: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} (٥)، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك هداية أحد إذا لم يهده الله فقال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (٦)


(١) سورة المائدة الآية ٦٣
(٢) سورة الحجرات الآية ١٣
(٣) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٦٤)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٤٣).
(٤) صحيح البخاري الإيمان (٥٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٩)، سنن الترمذي البيوع (١٢٠٥)، سنن النسائي البيوع (٤٤٥٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٢٩)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٧٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣١).
(٥) سورة التوبة الآية ١١٣
(٦) سورة القصص الآية ٥٦