عنه وهذا كله يدل على أنه لا يصح حكمه بغير ذلك لمخالفته الواجب عليه - إلى أن قال -: وظاهر ما ذكره المصنف هنا وجوب العمل بقول إمامه والمنع من تقليده غيره، وظاهره ترجيح القول من منع تقليد غيره، وهذا هو اللائق لقضاة الزمان ضبطا للأحكام ومنعا من الحكم بالتشهي. فإن كثيرا من القضاة لا يخرجون من مذهب إمام بدليل شرعي بل لرغبة في الدنيا وكثرة الطبع، فإذا ألزم بمذهب إمامه كان أضبط وأسلم دائما يحصل ذلك إذا نقض حكمه بغير مذهب إمامه، وإلا فمتى أبقيناه حصل مراد قضاة السوء ولم تنحسم مادة السوء، ويرشح ذلك بأن يقال: هذه مسألة خلافية فبعضهم ألزم بذلك وبعضهم لم يلزمه، والإمام إذا ولاه الحكم على مذهب إمامه دون غيره فهو حكم من الإمام بإلزامه بذلك فيرتفع الخلاف - إلى أن قال -: قال بعض أصحابنا: مخالفة المفتي إمامه الذي قلده كمخالفة المفتي نص الشارع - إلى أن قال - قال النووي في الروضة: فرع إذا استقضى مقلدا للضرورة فحكم بغير مذهب مقلده قال الغزالي: إن قلنا: لا يجوز للمقلد تقليد من شاء بل عليه اتباع مقلده نقض حكمه، وإن قلنا: له تقليد من شاء لا ينقض - ثم قال -: الذي تقرر أن مذهبنا أن الحاكم لا يجوز له الحكم بغير مذهبه بخلاف الشافعية فيجوز أن يحكم بغير مذهب إمامه قال شيخنا.
قال (١). شيخ الإسلام ابن تيمية: وأولو الأمر صنفان: الأمراء والعلماء وهم الذين إذا صلحوا صلح الناس فعلى كل منهم أن يتحرى بما يقوله ويفعله طاعة الله ورسوله، واتباع كتاب الله ومتى أمكن في الحوادث المشكلة معرفة ما دل عليه الكتاب والسنة كان الواجب، وإن لم يمكن لضيق الوقت أو عجز الطالب أو تكافؤ الأدلة عنده أو غير ذلك فله أن يقلد من يرتضي علمه ودينه هذا أقوى الأقوال، وقد قيل ليس له التقليد بكل حال، وقيل له التقليد بكل حال والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد.
(١) جزء ٢١ - من فتاوى شيخ الإسلام صحيفة (٧٣٢ - ٧٤).