للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحن لا نخالف في هذا ونصرح بأن الحكم بالهوى باطل. ونصرح بأن الحكم بخلاف ما أذن به القاضي من الحاكم الذي ولاه باطل. ولكن الذي نتحدث عنه شيء وراء هذا كله؛ ذلك أننا نتحدث عن شيء سيضعه الحاكم ويلزم فيه القضاة باتباع مذاهب معينة غير مذاهبهم لمصلحة رآها ورآها المسلمون، ونحن نصرح بأن هذا جائز شرعا، وأن القاضي يجب عليه شرعا أن يقضي في مثل هذا بما يقيده به الحاكم، ولا يجوز له أن يقضي بغير ما قيده به الحاكم، وإلا كان قضاؤه باطلا؛ وذلك لأن القاضي نائب عن الحاكم في الحكم، وقد كان يجوز للحاكم أن يقضي بالأقوال التي يريد تقييد قضائه بها فيجب عليهم اتباع شروط التوكيل عنه، إلى أن قال: والمجتهد يحرم عليه شرعا أن يعمل بغير رأيه سواء كان مجتهدا مطلقا أو مجتهدا في مسألة أو مسائل خاصة، والمقلد الذي يستطيع النظر في الأدلة وترجيح بعضها على بعض يجب عليه أن يعمل بما يرجح عنده بالدليل، ولا يجوز له أن يتخير، ومن يستطيع الترجيح يتخير أو يعمل بما يطمئن إليه قلبه.

والقاضي والمفتي لا يحيدان عن هذا غير أن القاضي يمتاز عمن يريد العمل لنفسه؛ ذلك أنه عندما يقلد القضاء من الحاكم يجب عليه اتباع شروط الحاكم الذي ولاه، فإن ولاه على أن يحكم بمذهب إمام معين كأبي حنيفة مثلا وجب عليه امتثاله، وإن حتم عليه العمل بالراجح وجب عليه امتثاله، وإن نص في منشوره على العمل بأقوال قيل: إنها مرجوحة في مسائل معينة وجب عليه امتثاله، وإن نص في منشوره على العمل بغير مذهب أبي حنيفة في مسائل معينة وجب عليه امتثاله، ومتى حكم القاضي بما يقيده له الحاكم الذي ولاه لا يمكن أن يقال: إن حكمه للهوى والغرض ولا أنه حكم بأخذ المال.

أما الشيخ أبو الأعلى المودودي فقد دعا في كتابه القانون الإسلامي إلى تدوين الأحكام الفقهية على شكل مواد وفق الأسلوب الحديث لتنفذها المحاكم وتدرسها كليات الحقوق.

ومن هذه الأقوال التي نقلناها عن عدد من علماء المذاهب الأربعة وما