للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن الله تعالى يطلع من ارتضى من رسله على شيء من الغيب، قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (١) {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (٢)، وقال تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (٣) آية (٩) من سورة الأحقاف، وثبت في حديث طويل من طريق أم العلاء أنها قالت: «لما توفي عثمان بن مظعون أدرجناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هو فقد جاءه اليقين من ربه، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي " وقلت: والله لا أزكي بعده أحدا أبدا (٤)» رواه أحمد وأخرجه البخاري في كتاب الجنائز من صحيحه، وفي رواية له «ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به (٥)» وقد ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه الله بعواقب بعض أصحابه فبشرهم بالجنة، وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند البخاري ومسلم «أن جبريل سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الساعة فقال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل (٦)»، ثم لم يزد على أن أخبر بأماراتها فدل على أنه علم من الغيب ما أعلمه الله به دون ما سواه من المغيبات وأخبر به عند الحاجة.

س: أقسام الغيب، وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، وهل كان علمه له كليا أو جزئيا؟

جـ: من الغيب ما استأثر الله بعلمه فلم يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا كتحديد الوقت الذي يقوم فيه الخلق لله رب العالمين للحساب،


(١) سورة الجن الآية ٢٦
(٢) سورة الجن الآية ٢٧
(٣) سورة الأحقاف الآية ٩
(٤) صحيح البخاري المناقب (٣٩٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٣٦).
(٥) صحيح البخاري الجنائز (١٢٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٣٦).
(٦) صحيح البخاري الإيمان (٥٠)، صحيح مسلم الإيمان (١٠)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩١)، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٢٦).