للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالدون فيها أبدا؛ ولهذا قال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (١) {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} (٢) يعني آمنين من الموت، وآمنين من الخروج، وآمنين من الأمراض؛ ولهذا قال عز وجل بعد ذلك: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (٣) {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (٤)، فهم فيها دائمون ولا يخرجون ولا يموتون، قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} (٥) {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (٦) {يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ} (٧) {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (٨) {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} (٩) {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (١٠) {فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (١١)، فأخبر سبحانه أن أهل الجنة في مقام أمين لا يعتريه خراب ولا زوال وأنهم آمنون أيضا لا خطر عليهم من موت ولا مرض ولا خروج ولا يموتون أبدا.

فقوله: إلا ما شاء ربك قال بعض أهل العلم: معناه مدة مقامهم في القبور ليسوا في الجنة، وإن كان المؤمن في روضة من رياض الجنة لكنها ليست هي الجنة ولكنه شيء منها فإنه يفتح للمؤمن وهو في قبره باب إلى الجنة يأتيه من ريحها وطيبها ونعيمها وينقل بعد ذلك إلى الجنة فوق السماوات في أعلى شيء.

وقال بعضهم: إلا ما شاء ربك يعني مدة إقامتهم في موقف القيامة للحساب والجزاء وذلك بعد خروجهم من القبور فإنهم بعد ذلك ينقلون إلى الجنة، وقال بعضهم: مجموع الأمرين مدة بقائهم في القبور ومدة بقائهم في الموقف ومرورهم على الصراط في كل هذه الأماكن ليسوا في الجنة لكنهم ينقلون منها إلى الجنة. ومن هذا يعلم أن المقام مقام واضح ليس فيه شبهة ولا شك، فأهل الجنة في الجنة أبد الآباد ولا موت ولا مرض ولا خروج


(١) سورة الحجر الآية ٤٥
(٢) سورة الحجر الآية ٤٦
(٣) سورة الحجر الآية ٤٧
(٤) سورة الحجر الآية ٤٨
(٥) سورة الدخان الآية ٥١
(٦) سورة الدخان الآية ٥٢
(٧) سورة الدخان الآية ٥٣
(٨) سورة الدخان الآية ٥٤
(٩) سورة الدخان الآية ٥٥
(١٠) سورة الدخان الآية ٥٦
(١١) سورة الدخان الآية ٥٧