للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا (١) كان القول الصحيح أن الله: أصله الإله، وأن اسم الله تعالى هو: الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى، والصفات العليا وأسرار كلام الله أجل وأعظم من أن تدركها عقول البشر، وإنما غاية أصل العلم الاستدلال بما يظهر منها على ما وراءه (٢).

وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة من الشر (٣) الذي هو سبب الذنوب والمعاصي وهو الشر الداخل في الإنسان الذي هو منشأ العقوبات في الدنيا والآخرة.

فسورة الفلق تضمنت الاستعاذة من ظلم الغير بالسحر والحسد وهو شر من خارج (٤).

وسورة الناس تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسه وهو شر من داخل.

فالشر الأول لا يدخل تحت التكليف، ولا يطلب منه الكف عنه، لأنه ليس من كسبه.

والشر الثاني الذي في سورة الناس يدخل تحت التكليف ويتعلق به النهي، فهذا شر المعائب، والأول شر المصائب، والشر كله يرجع إلى العيوب والمصائب ولا ثالث لهما.

فتضمنت سورة الناس الاستعاذة من شر العيوب كلها لأن أصلها كلها


(١) أي لكون الإله جامعا لصفات الكمال ولكونه أصلا لاسم الله فإن اسم الله جامع لمعاني الأسماء الحسنى.
(٢) أي الاستدلال بالمعاني الظاهرة على ما وراءها من الاستنباطات والنتائج واللوازم.
(٣) يعني الوسواس
(٤) في المخطوطة (وهو شر خارج) والصواب ما أثبته من تفسير ابن القيم.