للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما يسقى بالنضح أي بجهد العامل ففيه نصف العشر، سواء أكان النضح من الآبار الأرتوازية المحفورة في الأرض أم من العيون التي تحتاج إلى نقل، واستعمال الآلات، أم مما ينقل بواسطة سيارات الصهاريج المائية أم غير ذلك مما يبذل المزارع فيه جهدا لإيصال الماء إلى مزروعاته، ولو كان عن طريق الآلات الزراعية التي توفر على الإنسان مزيدا من الجهد والمشقة، كالمحاور الزراعية، ورشاشات الماء، واستعمال المواسير والتمديدات، والتنقيط وغير ذلك.

ثالثا: أن لا يعتقد أن الرزق من الكسب أو من الأرض بل من الله تعالى يسره وسخره، وهيأه له بهذه الواسطة ولولا فضل الله تعالى لم يكن ذلك قال الحافظ ابن حجر: " ومن شرطه - أي الكسب - أن لا يعتقد أن الرزق من الكسب بل من الله تعالى بهذه الواسطة " (١).

قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} (٢) {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (٣) {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (٤) {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} (٥) {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} (٦).

أي أرأيتم ما تبذرونه في الأرض وتعملونه أأنتم تخرجونه وتنبتونه، وتردونه نباتا يرف وينمى إلى أن يبلغ الغاية، وأضاف تعالى الحرث إليهم والزرع إليه لأن الحرث فعلهم ويجري على اختيارهم، والزرع من فضل الله تعالى وينبت على اختياره لا على اختيارهم (٧). روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت؛ فإن الزارع هو الله (٨)».


(١) ابن حجر، فتح الباري (٤/ ٣٠٦).
(٢) سورة الواقعة الآية ٦٣
(٣) سورة الواقعة الآية ٦٤
(٤) سورة الواقعة الآية ٦٥
(٥) سورة الواقعة الآية ٦٦
(٦) سورة الواقعة الآية ٦٧
(٧) انظر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن.
(٨) أخرجه البزار (كشف الأستار ٢/ ٩٦)، والطبري، والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم من طريق مسلم الجرمي، وضعفه البيهقي، قال الحافظ ابن حجر: الحديث قوي، ورجاله ثقات إلا أن مسلما الجرمي قال فيه ابن حبان: ربما أخطأ (فتح الباري ٥/ ٤).