للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد فرار خيلها ذعرا من الفيلة، ولكن مشاة (الرجالة) بجيلة ثبتوا في مواضعهم ثبات الأبطال، وأعانهم على الثبات تدارك سعد لهم ببني أسد الذين هاجموا الفيلة وحماتها هجوما عنيفا بقيادة طليحة الأسدي، فاستطاعوا بمعاونة ربيعة بقيادة الأشعث بن قيس الكندي بعد جهد جهيد وعناء شديد أن يجعلوا الفيلة والقوات الفارسية التي تساندها تولي الأدبار (١).

وتركت بجيلة كثيرا من الشهداء في ساحة المعركة، ولكن ثباتها المدهش العنيد، أتاح للمسلمين تدارك الموقف الخطير الذي كان نتيجة من نتائج هجوم فيلة الفرس على قواتهم.

وفي ليلة اليوم الرابع من أيام القادسية (ليلة الهرير) حملت بجيلة على القوات الفارسية مع من حمل عليها من القبائل العربية، غير منتظرة أمر سعد بالحملة، فعذرها سعد قائلا: " اللهم اغفرها لهم وانصرهم " فقضوا في تلك الليلة على عدد ضخم من الفرس، وفي بلاء بجيلة بقيادة جرير، قال سعد:

وما أرجو بجيلة غير أني ... أؤمل أجرهم يوم الحساب

فقد لقيت خيولهم خيولا ... وقد وقع الفوارس في ضراب

وقد دلفت بعرصتهم فيول ... كأن زهاءها إبل جراب (٢)

وكان سعد في شعره هذا يرد على قول جرير:

أنا جرير كنيتي أبو عمرو ... قد نصر الله وسعد في القصر

ولما فر الفرس من ساحة المعركة، وجه سعد عياض بن غنم (٣)، وجعل على مقدمته هاشم بن عتبة بن أبي وقاص (٤) وعلى ميمنته جرير وعلى ميسرته


(١) الطبري (٣/ ٥٨٣ - ٥٤٠) وابن الأثير (٢/ ٤٧١ - ٤٧٢).
(٢) في البيت إقواء، والزهاء: العدد الكثير والفخر أيضا.
(٣) عياض بن غنم: انظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح العراق والجزيرة (٤١٩ - ٤٧٩).
(٤) هاشم بن عتبة بن أبي وقاص: انظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح العراق والجزيرة (٣٢١ - ٣٣٠).