للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالواجب على العلماء وطلبة العلم إدراك هذا المعنى والعمل به بصفة أخص من غيرهم لعلمهم وفضلهم وكونهم خلفاء الرسل في بيان الحق والدعوة إليه والنصح لله ولعباده؛ فإنه لا يستوي من يعلم ومن لا يعلم كما قال عز وجل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (١).

وأنصح الناس للناس هم الرسل عليهم الصلاة والسلام والأنبياء ثم بعدهم العلماء فهم ورثة الأنبياء وهم خلفاؤهم في الخيروالنصح والدعوة إلى الله والصبر على الأذى والتحمل - ومن الولاية والنصح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولهذا قال الله عز وجل في الآية السابقة: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٢)، ومن ذلك الدعوة إلى الخير والإرشاد إليه وتعليم الجاهل وإرشاد الضال إلى طريق الصواب كما قال عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (٣) فليس هناك أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله وقرن ذلك بالعمل الصالح ويقول عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٤)، وقد بين سبحانه في موضع آخر أنه لا بد من العلم لأن الداعي إلى الله لا بد أن يكون على علم حتى لا يضر نفسه ولا يضر الناس كما قال سبحانه وتعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (٥)، فالداعي إلى الله والدال على الخير يجب أن يكون على بصيرة فيما يدعو إليه وفيما ينهى عنه وقد بين الرسول أن الداعي إلى الله له مثل أجور من هداه الله على يديه - وهذا خير عظيم - يقول عليه الصلاة والسلام: «من دل على خير له مثل أجر فاعله (٦)» أخرجه مسلم في صحيحه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم


(١) سورة الزمر الآية ٩
(٢) سورة التوبة الآية ٧١
(٣) سورة فصلت الآية ٣٣
(٤) سورة النحل الآية ١٢٥
(٥) سورة يوسف الآية ١٠٨
(٦) صحيح مسلم الإمارة (١٨٩٣)، سنن الترمذي العلم (٢٦٧١)، سنن أبو داود الأدب (٥١٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٠).