للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظاهرا يشاهده الناس، ويعلمه الناس، ويعلمه هو سبحانه علما ظاهرا موجودا، بعدما كان في الغياب، يعلمه ظاهرا موجودا في الوجود، وهذا هو معنى قوله سبحانه وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} (١) نعلمه علما ظاهرا موجودا في العالم.

وفي الحادي عشر من المحرم من السنة الهجرية ١٤١١ هـ، الثاني من أغسطس من الشهور الميلادية ١٩٩٠ م، جرى ما جرى من عدوان حاكم العراق على دولة الكويت المجاورة له، واجتاحها بجيوشه المدمرة الظالمة، واستحل الدماء والأموال وانتهك الأعراض، وشرد أهل البلاد، وجرت فتنة عظيمة بسبب هذا الظلم والعدوان، واستنكر العالم هذا البلاء، وهذا الحدث الظالم، وحشد الجيوش على الحدود السعودية. وبذل الناس الجهود الكبيرة من رؤساء الدول، ومن مجلس الأمن، ومن غيرهم لحاكم العراق ليخرج من هذا الظلم، ويسحب جيشه من هذه البلاد التي احتلها ظلما، فلم يستجب، وأصر على ظلمه وعدوانه لحكمة بالغة {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (٢) له سبحانه الحكمة البالغة في كل شيء، قد سبق في علمه جل وعلا، أنه لا بد من حرب، وأن هذا البلاء الذي وقع، لا يتخلص منه بمجرد الحلول السلمية، وهو القائل سبحانه في كتابه العظيم: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (٣)، ويقول سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٤) ونرجو أن يكون فيما وقع الخير، وأن يكون في ذلك الخير لنا وللمسلمين جميعا، والشر على أعداء الإسلام، لأنه سبحانه أعلم وأحكم، ونرجو أن يكون فيما حدث عظة لنا ولغيرنا في الرجوع إلى الله والاستقامة على دينه، وحساب النفوس وجهادها لله، والإعداد الكامل لأعدائنا أعداء الإسلام.


(١) سورة محمد الآية ٣١
(٢) سورة الأنعام الآية ١٢٨
(٣) سورة النساء الآية ١٩
(٤) سورة البقرة الآية ٢١٦