اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان أكثر مما كان وقيل لأن عثمان نوى الإقامة بمكة بعد الحج وأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجر فوق ثلاث وقيل كان لعثمان أرض بمنى أبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإتمام والإقامة والصواب الأول ثم مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والجمهور أنه يجوز القصر في كل سفر مباح وشرط بعض السلف كونه سفر خوف وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو غزو وبعضهم كونه سفر طاعة قال الشافعي ومالك وأحمد والأكثرون ولا يجوز في سفر المعصية وجوزه أبو حنيفة والثوري، ثم قال الشافعي ومالك وأصحابهما والليث والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث وغيرهم لا يجوز القصر إلا في مسيرة مرحلتين قاصدتين وهي ثمانية وأربعون ميلا هاشمية، والميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربع وعشرون إصبعا معترضة معتدلة والأصبع ست شعيرات معترضات معتدلات وقال أبو حنيفة والكوفيون لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل وروي عن عثمان وابن مسعود وحذيفة وقال داود وأهل الظاهر يجوز في السفر الطويل والقصير حتى لو كان ثلاثة أميال قصر. قوله "عن عبد الله بن بابيه " هو بباء موحدة ثم ألف موحدة أخرى مفتوحة ثم مثناة تحت ويقال فيه ابن باباه وابن بابي بكسر الباء الثانية. قوله: «عجبت ما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله تعالى بها عليكم فاقبلوا صدقته (١)» هكذا هو في بعض الأصول ما عجبت وفي بعضها عجبت مما عجبت وهو المشهور المعروف وفيه جواز قول تصدق الله علينا واللهم تصدق علينا وقد كرهه بعض السلف وهو غلط ظاهر وقد أوضحته في أواخر كتاب الأذكار وفيه جواز القصر في غير الخوف وفيه أن المفضول إذا رأى الفاضل يعمل شيئا يشكل عليه يسأله عنه والله أعلم).
قوله في الحضر ركعة وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد جميعا عن القاسم بن مالك قال: عمرو حدثنا قاسم بن مالك المزني حدثنا أيوب بن عائذ الطائي عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس قال: إن الله فرض الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم على المسافر ركعتين وعلى
(١) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٦٨٦)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٣٤)، سنن النسائي تقصير الصلاة في السفر (١٤٣٣)، سنن أبو داود الصلاة (١١٩٩)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٦٥)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٦)، سنن الدارمي الصلاة (١٥٠٥).