قال علي: ومن العجب العجيب إسقاط أبي حنيفة النية حيث افترضها الله تعالى من الوضوء للصلاة وغسل الجنابة والحيض وبقائه في رمضان ينوي الفطر إلى قبل زوال الشمس، ويجيز كل ذلك بلا نية، ثم يوجب النية فرضا في الإقامة، حيث لم يوجبها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أوجبها برهان نظري.
قال علي: وبرهان صحة قولنا أن الحكم لإقامة المدد التي ذكرنا- كانت هنالك نية لإقامة أو لم تكن- فهو أن النيات إنما تجب فرضا في الأعمال التي أمر الله تعالى بها فلا يجوز أن تؤدى بلا نية، وأما عمل لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فلا معنى للنية فيه، إذ لم يوجبها هنالك قرآن ولا سنة ولا نظر ولا إجماع والإقامة ليست عملا مأمورا به، وكذلك السفر، وإنما هما حالان أوجب الله تعالى فيهما العمل الذي أمر الله تعالى به فيهما، فذلك العمل هو المحتاج إلى النية لا الحال، وهم موافقون لنا أن السفر لا يحتاج إلى نية، ولو أن امرءا خرج لا يريد سفرا فدفعته ضرورات لم يقصد لها حتى صار من منزله على ثلاث ليال، أو سير به مأسورا أو مكرها محمولا مجبرا فإنه يقصر ويفطر، وكذلك يقولون فيمن أقيم به كرها فطالت به مدته فإنه يتم ويصوم.
وكذلك يقولون فيمن اضطر للخوف إلى الصلاة راكبا أو ماشيا، فذلك الخوف وتلك الضرورة لا يحتاج فيها إلى نية. وكذلك النوم لا يحتاج إلى نية، وله حكم في إسقاط الوضوء وإيجاب تجديده وغير ذلك. وكذلك الإجناب لا يحتاج إلى نية وهو يوجب الغسل. وكذلك الحدث لا يحتاج إلى نية وهو يوجب حكم الوضوء والاستنجاء، فكل عمل لم يؤمر به، لكن أمر فيه بأعمال موصوفة فهو لا يحتاج إلى نية، وهو يوجب حكم الوضوء والاستنجاء، فكل عمل لم يؤمر به لكن أمر فيه بأعمال موصوفة فهو لا يحتاج إلى نية، ومن جملة هذه الأعمال هي الإقامة والسفر، فلا يحتاج