للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها. وقد أكمل الله الدين لعباده قولا وعملا واعتقادا قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١) والرسول -صلى الله عليه وسلم - بين هذا الدين بقوله وفعله وتقريره، وصحابته -رضي الله عنهم- نقلوا عنه -صلى الله عليه وسلم- ما صدر منه من الأقوال والأفعال والإقرار، فالدين كامل من جهة قواعده، ومن جهة بيانه ونقله، والذكر نوع من العبادات، والعبادات مبنية على التوقيف، ومن خصص شيئا من العبادات وحدد له وقتا معينا أو كيفية خاصة لأدائه فهو مطالب بالدليل، وما ذكر في السؤال لا نعلم له أصلا شرعيا يعتمد عليه، وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (٢)» فما ذكر في السؤال من النوع المردود.

س: هل النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعلم القرآن قبل نزول الوحي كما يزعم الصوفية؟

جـ: القرآن هو كلام الله بحروفه ومعانيه وأول ما نزل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- من القرآن سورة "اقرأ" واستمر القرآن ينزل منجما في ثلاث وعشرين سنة، وقد بين الله جل وعلا أنه -صلى الله عليه وسلم- ما كان يدري عن هذا الكتاب قبل نزوله عليه ومن ذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} (٣) الآية. وبهذا يعلم أن ما يزعمه الصوفية من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يعلم القرآن قبل نزول الوحي ليس بصحيح وأنه من القول على الله بلا علم وهكذا قول من قال منهم ومن غيرهم أنه -صلى الله عليه وسلم- يعلم الغيب قول باطل كفر وضلال، لأن الغيب


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) صحيح البخاري الصلح (٢٦٩٧)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٥٦).
(٣) سورة الشورى الآية ٥٢