للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان النشوز من المرأة وتعذرت أوبتها منه لبغضها إياه وكراهتها له وعرضت عليه افتدائها منه فقد أجمع أهل العلم على أنه ينبغي إجابتها واختلفوا هل يجبر الزوج على ذلك؟

قال ابن مفلح يباح لسوء عشرة بين الزوجين وتستحب الإجابة إليه واختلف كلام شيخنا في وجوبه وألزم به بعض حكام الشام المقادسه الفضلاء فقال أبو طالب: إذا كرهته حل أن يأخذ منها ما أعطاها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «" أتردين عليه حديقته (١)» اهـ (٢).

وسئل الشيخ حسين ابن الشيخ محمد: إذا كرهت زوجها هل يجبر على الخلع فأجاب إذا كرهت زوجها فالذي نفتي به أنه مستحب ولا يجبر الزوج على الخلع (٣).

وقال الشوكاني - رحمه الله:

قوله «اقبل الحديقة (٤)» قال في الفتح: هو أمر إرشاد وإصلاح لا إيجاب، ولم يذكر ما يدل على صرف الأمر عن حقيقته. اه (٥).

وقال في حاشية المقنع على قوله: وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى ألا يقيم حدود الله فلا بأس أن تفتدي نفسها منه، أي فيباح للزوجة والحالة هذه على الصحيح من المذهب وأما الزوج فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه وعليه الأصحاب، واختلف كلام الشيخ في وجوب الإجابة إليه والأصل فيه قوله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (٦) ولقول ابن عباس - رضي الله عنهما - «جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله: ثابت بن قيس لا أعيب عليه في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أتردين عليه حديقته " قالت: نعم فأمرها بردها وأمره ففارقها (٧)» رواه البخاري. وبه قال جميع الفقهاء في الأمصار إلا بكر بن عبد الله المزني لم يجزه. اه

وقال الجصاص ذكر اختلاف السلف وسائر علماء الأمصار فيما يحل أخذه بالخلع.

روى عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، وهو قول سعيد بن


(١) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٧٣)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٦٣)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٥٦).
(٢) الفروع جـ ٥ ص ٣٤٣.
(٣) الدار السنية جـ ٦ ص ٣٦٧.
(٤) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٧٣)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٦٣)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٥٦).
(٥) نيل الأوطار جـ٦ ص ٢٦٣.
(٦) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٧) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٧٣)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٦٣)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٥٦).