للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلب ورق له حينما رآه يلهث عطشا فنزل البئر وملأ خفه ثم سقى الكلب العاجز عن النزول إلى البئر والوصول إلى مائها حيث غفر الله ذنبه وأجاره من النار.

وقد عجب الصحابة رضي الله عنهم من هذا؟ وسألوه عن الإحسان إلى البهائم وهل يكون فيه أجر؟ فأخبرهم نبي الرحمة، وصاحب الشفقة بخلق الله. أن لهم في كل كبد رطبة أجرا، كما أنه عليهم إذا أساءوا إلى البهائم ومنعوها حقها الإثم والوزر العظيم. وذكر في الحديث الآخر أن الله قد عذب امرأة بالنار جزاء لها على إساءتها إلى هرة حبستها ولم تؤد لها ما يجب لها عليها، ولا هي خلت سبيلها فتأكل من حشرات الأرض وتطلب رزقها حيث كان. . إلى أن قال:

وفي الحديثين: وما جاء على مثالهما من التعاليم المحمدية ما لو عمل الناس بها لأغنى عن جمعية الرفق بالحيوان، ولسد أفواه الذين لا يعرفون عن الإسلام إلا أنه دين القسوة، واحتقار الضعيف، وما علموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان أرحم الناس بالضعفاء وأكثرهم رفقا بالبهائم وكل ذي روح، يفتح للهرة الباب وهو يصلي حين سمعها تحكه بأظفارها، «وينظر إلى حمار قد وسيم في وجهه فيقول: لعن الله من فعل به هذا (١)». . وروي «أنه عالج كلبا أجرب، وديكا مريضا،» وأنه أمر قوما من الأنصار بالتخفيف عن بعيرهم الذي كبر في خدمتهم وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته (٢)» وقال ابن مسعود «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجة، فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها. ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: من حرق هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار (٣)». . إلى أن قال: «ومر ابن عمر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبالهم، فلما رأوا ابن عمر


(١) صحيح مسلم اللباس والزينة (٢١١٧)، سنن الترمذي الجهاد (١٧١٠)، سنن أبو داود الجهاد (٢٥٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٩٧).
(٢) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٥)، سنن الترمذي الديات (١٤٠٩)، سنن النسائي الضحايا (٤٤١٣)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨١٥)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٧٠)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٥)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٠).
(٣) سنن أبو داود الجهاد (٢٦٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٠٤).