للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها، دون أن تكون المرأة مسئولة عن ذلك مطلقا، فهي مستقلة في ذمتها المالية، ولا تلزم كما في الغرب بدفع الدوطة أو البائنة، وهذا دليل على تقدم التشريع الإسلامي الذي احتفظ للمرأة بذمتها المالية المستقلة بعد الزواج.

كذلك فإن إدراك الحكمة في التشريعات يفيد في الترجيح بين المصالح؛ ذلك أن المصلحة من حيث قوتها تنقسم إلى مصلحة ضرورية، وأخرى تحسينية، وثالثة حاجية. فأما المصلحة الضرورية فهي " ما لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الآخرة فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين " (١).، وتكمن هذه المصالح أو المقاصد الضرورية في أمور خمسة هي حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل. وأما المصالح الحاجية فهي " ما افتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع، دخل على المكلفين. . . الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة ". ومثالها الرخص في العبادات، والإباحات في المعاملات، والقسامة وضرب الدية على العاقلة في الجنايات. وأما المصالح التحسينية فهي " الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق " (٢) ومثالها الطهارات في العبادات، ورعاية الآداب في العادات، ومنع بيع النجاسات في المعاملات، ومنع قتل النساء والصبيان والرهبان في الجهاد بالنسبة للجنايات. فلا شك أن حكمة التشريعات الإسلامية


(١) الموافقات، للشاطبي، المطبعة التجارية الكبرى، مصر، ط ١، ج ٢، ص ٨.
(٢) الموافقات، المصدر السابق، ج ٢، ص ١١.