للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصداقا لحقيقة أن الدعوة الإسلامية منزهة عن الغرض، ومبرأة من الهوى، تسمو على المصالح الخاصة، وتستغرق الغايات المؤقتة، لأن بدايتها تسليم لله، وإذعان للخالق، وخضوع لمدبر الكون وحده، وإفراده بالعبادة المشروعة نزولا على مقتضى الفطرة، وبذا يتحقق من خلال الدعوة أحد مفاهيمها بحسبانها، نداء الأفراد والجماعات، إلى عبادة الله الواحد الأحد، والتخلق بالفضائل، ونبذ الرذائل وتطبيق ما شرعه الله للناس من تعاليم وشرائع وأحكام (١).، وبذا يتحقق التجديد الحقيقي للدين برفع ما علق به من بدع على نحو ما جاهد من أجله شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.، كما يتحقق معنى النشر ومعنى الدين في الدعوة، فكل منهما يقتضي بيان حكمة التشريع، فالثابت أن الدعوة قد تكون بمعنى النشر وعندئذ ينصرف مفهومها إلى العلم الذي تعرف به كافة المحاولات المتعددة الرامية إلى تبليغ الناس الإسلام بما حوى ليس من أخلاق وعقيدة فقط، بل بما انطوى عليه من شريعة أيضا (٢).، كما أن الثابت أن الدعوة كدين، هي الخضوع لله والانقياد لتعاليمه، بلا قيد ولا شرط، ولما كان الانقياد لله دليلا على الخضوع له، لذا لزم الاختيار الحر في هذا الانقياد ليتحقق الخضوع التام (٣). .

والدعوة إلى الله، بهذه المثابة، هي جزء من التكاليف في منهاج الله، ولذا يجب أن يصدر الداعية عن منهاج الله في الدعوة والعمل. وبيان الحكمة في التشريعات يثبت العقيدة، وعلى ذلك فلا يجوز أن يقف الداعية عند حد تصوراته البشرية، ومناهجها في ميدان الحركة (٤)؛ ذلك أن الدعوة الإسلامية


(١) آدم عبد الله الألوري، تاريخ الدعوة الإسلامية، من الأمس إلى اليوم، بيروت، دار مكتبة الحياة، ص ١٩.
(٢) د. أحمد أحمد غلوش، الدعوة الإسلامية، أصولها ووسائلها، دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني، ص١٠.
(٣) المرجع السابق، ص ١٢.
(٤) عدنان النحوي، دور المنهاج الرباني في الدعوة الإسلامية، ط ١ (١٣٩٩هـ)، ص ٥٥.