ويستقيم العقل ويتفكر المسلم في ملكوت السماوات والأرض، ويعي مقدار نعم الله على عباده.، بإيمان راسخ ويقبل الإنسان على "ربه وجلا خاضعا خاشعا مسكينا ذليلا ضارعا ". وعندئذ تتحقق أعظم حكم الصلاة، فيمن يقيمون الصلاة. فالخاشع. المقيم للصلاة يستجيب لفطرة الله، فلا يعبد إلا إياه، فإن كان أبوا الإنسان قد خرجا به عن فطرة التوحيد، فعليه أن يتدبر حكم الصلاة، التي لا يسجد فيها إلا لله وأنه لا يسجد لبشر أو مخلوق أيا كان، ولا ينحني مجرد الانحناء لأي إنسان، بل يسجد لله الذي خلقه من العدم، وأفاء عليه من صور الكمال ما يعجز الإنسان عن وصفه، سمعا وبصرا وحسا وفؤادا وعقلا وجسدا وتكفل بالرزق والأمن، عندئذ سيعرف أنه لا سبيل له سوى سبيل الله ويقيم له الصلاة في خشوع يتفق مع مقدار نعم الله. فلا تكون صلاته مجرد حركات خالية من المضمون العقدي.
وفي ربط هذه النعم بحكم الصلاة يقول، بعض الفقهاء "من منا يستطيع أن يسير جسده وحده بدون فضل الله. قلبك الذي لا تملك منه شيئا لا يزال يدق ويدق السنوات الطوال، فهل تملك من دقاته واحدة. وتنفسك في قدرتك شيء من التحكم فيه، لكنها قدرة لا تلبث أن تسهو وتكل وتسلمه إلى صاحب النعمة العظمى، فتنام وتستيقظ وصدرك يعلو تارة وينخفض أخرى برتابة محكمة ونظام دقيق. بصرك نعمة كبرى وصيانته والمحافظة عليه نعمة أكبر، غدد تدمع، وأجفان تمسح، ورموش تدفع. وسمعك كذلك نعمة تحتاج إلى حارس من عدو يقتحم فيتلف، فكان الخلق المحكم، وما تفرزه الأذن من مادة