للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحسية التي قد تظهر وقد لا تظهر، فإن ظهرت كان الاطمئنان لها أداة للاندفاع مع تيار الإيمان، وإن خفيت ظلت النفس واثقة من أن الديان قد أعد للإنسان ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فتتهيأ النفس به للكمال الإيماني، وتستجيب معه للهدي الإلهي.

إن من الغايات الكبرى للصيام بلوغ درجة التقوى " فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي، هذه الفريضة طاعة لله وإيثارا لرضاه. والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، والخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله " (١) ووزنها في مجالا التكليف، إنها غاية المؤمنين، والصوم هو أهم مدارج الوصول إليها، لذا يتجه المسلمون لتحقيق هذه الغاية وهم معتمدون على ضمائرهم، فلا رقابة لأحد عليهم، وإنما توجد الرقابة في أعماقهم، فتمنعهم عن مخالفة أوامر الله، لأنه ملأ أعماقهم، وصارت مهابته هي الرقيب الوحيد عليهم، ولذا فإن المسلم لا يتكلم بفاحش الكلام، أي لا يرفث، وإذا سبه أحد قال إني صائم، وإذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح أعظم الفرح بصومه الذي كان صادقا في إتيانه، ففي رواية لمسلم «. . . . للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك (٢)»، على ما هو ثابت في الحديث القدسي عن رب العزة والجلال الذي قال: «كل عمل


(١) سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، ج ٣، ط ١٩٩٠م، ص ١٦٨.
(٢) صحيح البخاري الصوم (١٩٠٤)، صحيح مسلم الصيام (١١٥١)، سنن النسائي الصيام (٢٢١٥)، سنن ابن ماجه الصيام (١٦٣٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٧٧)، موطأ مالك كتاب الصيام (٦٩٠)، سنن الدارمي الصوم (١٧٧٠).