للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى بيت الله الحرام، ويتمتع "بالتنوع في عبوديته والذل له والانكسار بين يديه " ويسأل المسلمون ربهم "جميع مطالبهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية في تلك المشاعر العظام والمواقف الكرام ليجزل لهم من قراه وكرمه. . . . وليحط عنهم خطاياهم ويرجعهم كما ولدتهم أمهاتهم، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"، فإن الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار إنما هي لإقامة ذكر الله، من خلال اجتماع المسلمين في مكان واحد، على شكل واحد، في عبادة واحدة، تتحقق فيها أسمى معاني الوحدة الإسلامية، والأخوة الإيمانية، فيرتبط الجميع برباط الدين الشامل، ويشعر الجميع بأن دعاء الله من خلال أعظم مظاهر المساواة، غايته الفوز والرضوان، من الملك الديان.

ولا يتسع المجال للتعرض لكافة حكم متعلقات الحج وحسبنا الإشارة إلى بعض متعلقات حكمه الأساسية فيما يلي:

- إن الإحرام يستلزم حرمة اتخاذ المسلم أي وسيلة من وسائل الرفاهية والزينة "وحكمة الامتناع عن هذا. . . . أن الحج عبادة، الغرض منها التقرب إلى الله والوصول إلى ما أعده سبحانه للنفس المحسنة من خير الجزاء ولا يكون ذلك عادة إلا بإبعاد النفس عن شهواتها، وخروجها من مألوفها، وكفها عن لذائذها، ومظهر هذا الاقتصار على الضروريات من الحياة، والتجرد لله في جميع الحركات والسكنات " (١)، وعندئذ يجد الإنسان راحة نفسه في التقشف والزهد، والارتفاع فوق أدران المادة، وأوزار الجسد، فيحتمل المشاق راضيا، وكيف لا وهو في لباسه الموحد مع غيره، يستشرف عفو الرحمن، ويطمع في رضا الديان، فقد أطاعه مخلصا، وكل من تجرد عن


(١) عفيف عبد الفتاح طباره، المرجع السابق، ص ٢٦١.