للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإمامهم، وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الله بعثه للناس عامة للجن والإنس، وجعل رسالته عامة، وفيها صلاح أمر الدنيا والآخرة، وفيها صلاح العباد والبلاد في كل شيء، فيها خلاصهم من كل شر، وفيها صلاحهم فيما يتعلق بدنياهم، وأمر معاشهم، وفيها صلاحهم فيما يتعلق بطاعة ربهم وعبادته، وأداء حقه، وترك ما نهى عنه، وفيها صلاحهم في كل ما يقربهم من الله، ويباعدهم من غضبه، سبحانه وتعالى، وفيها صلاحهم بتوجيه العباد وإرشادهم إلى ما ينفعهم، ويهديهم إلى الطريق السوي، ويبعدهم عن طريق النار، وطريق الهلاك والدمار. فالمسلمون عليهم واجبات تتعلق بدينهم، وبالاستقامة عليه كما شرع الله، وكما أمرهم الله. فإن الله خلقهم ليعبدوه، وأرسل الرسل بذلك، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (١) وهذه هي العبادة التي أمرهم الله بها، في قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٢). وفي قوله سبحانه وبحمده: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (٣) وفي قوله عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (٤)، وفي قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (٥) وفي قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (٦).

والله بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، كما بعث الرسل قبله، بعثه بالدعوة إلى هذه العبادة، وللدعوة إلى هذا الدين، بعثه إلى الثقلين الجن والإنس رحمة


(١) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٢) سورة البقرة الآية ٢١
(٣) سورة النساء الآية ٣٦
(٤) سورة البينة الآية ٥
(٥) سورة النحل الآية ٣٦
(٦) سورة الأنبياء الآية ٢٥