للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (١)، يعني أنهم أحبة فيما بينهم، لا يغتاب بعضهم بعضا، ولا ينم بعضهم على بعض، ولا يخونه في الأمانة، ولا يؤذيه ولا يظلمه، ولا يشهد عليه بالزور، إلى غير ذلك من الأعمال والأقوال، التي تنافي الولاية والمحبة.

فهم إخوة أحباب. متعاونون على كل خير ثم قال سبحانه وبحمده: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٢)، والمعنى أنهم لا يسكتون عن إنكار المنكر، ولا يداهنون بل كل منهم يأمر أخاه بالمعروف، وينهاه عن المنكر، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ثم قال سبحانه: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (٣).

هكذا المؤمنون الصادقون والمؤمنات الصادقات، هذا شأنهم، يستقيمون على دين الله، ويتباعدون عن محارم الله، ويقفون عند حدود الله، ويرشدون الناس إلى الخير، وينصحونهم بعبارات حسنة، وأسلوب جيد، مع الإخلاص لله، والصبر والمصابرة.

وهكذا المؤمن يسعى في أمور دنياه، لا يكون كلا على الناس، يكتسب الكسب الحلال، ويبيع ويشتري، ويفعل كل ما يصلح أمر دنياه، فيتخذ المزرعة، كما كان الأنصار رضي الله عنهم، ويبيع ويشتري كما كان المهاجرون رضي الله عنهم، لا يكون عالة على الآخرين يسألهم ويشق عليهم، بل يجتهد في أن يغنيه الله عن الناس يتعاطى الأسباب المشروعة، والكسب الحلال، ويجتهد في طلب الرزق بالطرق المباحة والشرعية، من بيع وشراء، وزراعة وحرفة أخرى مباحة، كالحدادة والنجارة والخرازة والخياطة، أو يشتغل عند الناس في مزارعهم وفي بنائهم، وفي غير ذلك من الأعمال المباحة، فيستخدم هذا الجسم الذي أنعم الله عليه به في طاعة الله ورسوله، وفي كسب الحلال الذي يغنيه الله به عن الناس، ويشرع له أن يتعاطى الأدوية المباحة، التي يعينه الله بها على بقاء صحته وسلامة جوارحه.


(١) سورة التوبة الآية ٧١
(٢) سورة التوبة الآية ٧١
(٣) سورة التوبة الآية ٧١