للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشافعية والحنابلة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، قد جاء في المهذب وإن خللت بخل، أو ملح لم تطهر (١).

وقال ابن قدامة (وإن خللت لم تطهر)، وقال المرداوي تعليقا على ذلك: اعلم أن الخمرة يحرم تخليلها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب (٢).

وقال شيخ الإسلام: والصحيح أنه إذا قصد تخليلها لا تطهر بحال (٣)، واستدل لهذا القول بالسنة والأثر والمعنى؛ أما السنة فما رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة عن أنس رضي الله عنه أنا أبا طلحة «سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فقال: أهرقها. فقال أفلا أخللها قال: لا (٤)». .

وجه الدلالة أنه نهاه عن التخليل فدل على أنه لا يجوز.

وأجاب الطحاوي عن ذلك فقال: إنه محمول على التغليظ والتشديد؛ لأنه كان في ابتداء الإسلام، كما ورد ذلك في سؤر الكلب، بدليل أنه ورد في بعض طرقه الأمر بكسر الدنان وتقطيع الزقاق رواه الطبراني في معجمه: حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا معتمر، ثنا ليث، عن يحيى بن عباد، عن أنس، عن أبي طلحة قال: «قلت: يا رسول الله، إني اشتريت خمرا لأيتام في حجري. فقال: أهرق الخمر واكسر الدنان (٥)». انتهى.

ورواه الدارقطني أيضا، وروى أحمد في مسنده: حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن حمزة بن حبيب، عن ابن عمر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم شق زقاق الخمر بيده في أسواق المدينة» وقد تقدم بتمامه في أحاديث تحريم الخمر، وهذا صريح في التغليظ؛ لأن فيه إتلاف مال الغير، وقد كان يمكن إراقة الدنان والزقاق وتطهيرها، ولكن قصد بإتلافها التشديد؛ ليكون أبلغ في الردع انتهى بواسطة الزيلعي (٦).

ويمكن أن يجاب عن ذلك: بأن حمله على التغليظ على خلاف الظاهر، فيحتاج إلى دليل يدل عليه ذلك، فإن وجد، وإلا فالأصل بقاء


(١) المهذب ١/ ٤٨.
(٢) الإنصاف ١/ ٣١٨
(٣) المجموع ٢١/ ٤٨١.
(٤) صحيح مسلم الأشربة (١٩٨٣)، سنن الترمذي البيوع (١٢٩٤)، سنن أبو داود الأشربة (٣٦٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٨٠)، سنن الدارمي الأشربة (٢١١٥).
(٥) سنن الترمذي البيوع (١٢٩٣)، سنن أبو داود الأشربة (٣٦٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١١٩).
(٦) نصب الراية ٤/ ٣١١.