للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إليه ما أخذت منه " قالت نعم وزيادة، فقال - صلى الله عليه وسلم - " أما الزيادة فلا " ويمكن أن يخصص عموم نصوص الافتداء بهذا الحديث، لما فيها من الاحتمال. وقيل: يجوز بأكثر مما أعطاها لعموم قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (١) ولما رواه الدارقطني عن أبي سعيد الخدري في مخالعة الأنصاري لأخته «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: " تردين عليه حديقته ويطلقك "، قالت نعم وأزيده، قال: " ردي عليه حديقته وزيديه (٢)».

ويمكن أن يقال إن هذا الحديث مقابل لحديث منع الزيادة على ما أعطاها، وعلى هذا يتم الاستدلال بعموم الآية على جواز أخذه ما تراضيا عليه أو حكم به حاكم ولو كان أزيد مما دفع لها أو يقال: في كل من الحديثين مقال، فيتم الاستدلال بعموم الآية على ما ذكر.

سادسا: لم نقف على تحديد مدة تضرب للناشز، عقوبة لها وتأديبا أو زجرا لها عن النشوز عسى أن ترجع عن تقصريها في حقوق زوجها وتطيعه في أداء ما وجب عليها له شرعا، ويظهر أن ضرب مدة للنشوز وتحديدها من باب التعزير، وهو مما يختلف باختلاف الظروف والأحوال، وما يترتب عليه من أضرار قد تربو على سوء عشرتها للزوج وقد تنقص عنه، وما يرجى من جدوى التعزير وصلاح الأحوال به، وما يخشى من سوء عاقبة الزيادة في التعزير من توتر العلاقات بين أسر المجتمع، وما قد يحدث عن شدته للنواشز من الانحدار إلى ما لا تحمد مغبته.

سابعا: ذهب بعض العلماء إلى أن حكم ولي الأمر أو نائبه بما يراه من جمع أو تفريق بعوض أو بغير عوض نافذ سواء رضي الزوج بالطلاق أم أبى، ورضيت الزوجة بدفع العوض أم كرهت رعاية لمصلحة الأسرة خاصة ومصلحة المجتمع الإسلامي عامة، ورأوا أن هذا نظير التفريق بالعنة والإيلاء والعسر بالنفقة وطول الغيبة، وغير ذلك مما يلجأ فيه إلى التفريق لدفع المضرة والقضاء على مادة الفساد وذرائعه.

وذهب آخرون على أنه لا يجوز التفريق إلا برضا الزوج، لأن الطلاق جعل بيده شرعا فلا يكون إلا منه أو بتوكيله، ولا يجوز أخذ عوض من الزوجة عن الفراق إلا برضاها وعن طيب نفس منها، لعموم قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (٣) ولحديث: " إن «أموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا (٤)» ولحديث «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه (٥)».

ويمكن أن يقال: إن هذه النصوص عامة دخلها التخصيص والاستثناء منها بالأدلة التفصيلية فليكن التفريق بالطلاق أو الفسخ من غير رضا الزوج، وكذا أخذ العوض من الزوجة مستثنى من عموم هذه


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٢) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٧٣)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٦٣)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٥٦).
(٣) سورة البقرة الآية ١٨٨
(٤) صحيح البخاري الفتن (٧٠٧٨)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٩)، سنن الدارمي المناسك (١٩١٦).
(٥) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٧٣).