للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل من أكبرها على ما وصف آنفا، فقد امتنع المسلم التقي من الحصول على الفائدة الربوية عن إيداعاته، فحظي البنك الأجنبي - في الغالب - بالانتفاع بأموال المسلمين مجانا، وبدون تحمله دفع أي تعويض عن استغلاله لرأس المال الإسلامي.

ثانيا: بسبب الرادع المشار إليه - امتنع المسلم التقي عن الانتفاع بالتسهيلات الائتمانية التي تمنحها البنوك، فكانت الأموال والمدخرات الإسلامية المجمعة تضخ في الأسواق المالية الغربية، وتجري في شرايين الاقتصاد الغربي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ففي المجتمعات المختلطة بين المسلمين وغيرهم كالقارة الهندية كانت المجتمعات غير المسلمة تنفرد بالتمتع بمزايا التسهيلات الائتمانية، فيتنامى نشاطها الاقتصادي على حساب النشاط الاقتصادي للمجتمع الإسلامي.

وقد أذهلت هذه الظواهر رجال الفكر في العالم الإسلامي، فشغلتهم بالبحث عن سبيل للخروج بالمجتمع الإسلامي من ورطة هذا الواقع الأليم، إن هذا المأزق تصوره أوضح تصوير صيغ الاستفتاءات، التي كانت تنهال من الأفراد والمجتمعات الإسلامية، فيما يتعلق بهذه المشكلة وإجابات المفتين.

ولكن ربما كان من أبلغ الأمثلة في تصوير الشعور بهذا المأزق فتوى نشرت لأحد المفتين مضمونها أن أحاديث الربا من وضع اليهود، أدخلوها على المسلمين بقصد الإضرار بهم عن طريق تحريم التجارة عليهم؛ لتكون التجارة في يد اليهود، إن ما جعل المشكلة تبدو مستحيلة الحل غياب مؤسسات مصرفية لا تقوم على الربا، فكان يبدو أن لا بديل للنظام المصرفي الغربي، بل لا بديل للاقتصاد الغربي، وحتى بعد ظهور الشيوعية ومشاطرة المذهب الاقتصادي الشيوعي المذهب الرأسمالي الغربي كان يظهر أن لا فرصة للعالم للخروج عن الدوران في أحد الفلكين.

ونتيجة لذلك كان من الطبيعي أن يتجه الفكر الإسلامي إلى المحاولات التوفيقية بغرض تأنيس الفائدة لقبولها في المجتمع الإسلامي، ولكن كل هذه