الشرعية، وكالوضوء نقل إلى الهيئة الخاصة بغسل الأعضاء التي ورد بها الشرع، ولكن ألفاظا أخرى بقيت بمفهومها المعروف عند الناس، وإن كان هذا المفهوم قد ألحق به مفاهيم أخرى، وردت بها النصوص، ومن هذه الألفاظ الأخيرة، مثلا لفظ (الزنا) يدخل فيه بحكم الأصل المفهوم المعروف لدى الناس وقت نزول الوحي، وإن كان قد ألحق به كل اتصال جنسي بين رجل وامرأة لا يقوم بينهما عقد الزوجية الشرعي كالزواج بالمحارم، ومثل (الربا) يدخل فيه بحكم الأصل المفهوم المعروف لدى الناس وقت نزول الوحي، كما يدخل فيه التصرفات المالية التي وردت بها الأحاديث الثابتة، كبيوع ربا الفضل.
وإذن فإن دعوى خروج صور من المفهوم المعروف لدى الناس عند نزول الوحي لكلمة ربا، وادعاء أنه غير مقصود بالنص، دعوى على خلاف الأصل.
٣ - مع احتفاظ النصوص بالمفهوم المعروف عند الناس لكلمة الربا، فقد ألحقت بهذا المفهوم في التحريم صور يجمعها في الغالب أنها ذريعة لارتكاب الربا بالمفهوم المعروف، وهذا يعني تأكيد هذا المفهوم وتأكيد حكم التحريم.
٤ - إن الربا بالمفهوم المعروف كان يمارس في المجتمع القرشي الجاهلي بصور مختلفة؛ منها الصورة المشهورة حين يحل أجل الدين، فيطلب الدائن من المدين: إما أن يدفع له دينه، أو أن يزيد في قيمته، في نظير تمديد الأجل.
ولكن الصورة الغالبة والشائعة -كما تقتضي طبائع الأشياء- هي الصور الغالبة في المجتمعات الأخرى، وهي ما يطلق عليه في الوقت الحاضر القرض بفائدة، ومعلوم أن الصورتين من جنس واحد هو أخذ الدائن زيادة من جنس الدين في نظير انتفاع المدين بالدين. وعلى هذا الأساس يفهم ما ورد من الأخبار بأن الربا المعروف عند الجاهلية هو صورة إما أن تقضي، وإما أن تربي، فليس المقصود نفي غير هذه الصورة