للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيا: إن الأفكار النظرية وحدها لم تكن لتقوى على تحرير الفكر، وزعزعة التصور الذي ساد قبل ثلاثين عاما في أذهان المثقفين المسلمين عن نظام الفائدة الربوية، لو لم توجد إمكانية لوضع تلك الأفكار النظرية موضع التطبيق، ولو لم تتح فرصة اختبارها في ظروف الواقع، واجتيازها لهذا الاختبار بنجاح.

وقد أمكن في خلال السنوات الماضية وجود أكثر من خمسين مؤسسة مصرفية تستخدم الأساليب الإسلامية، وتحرر معاملاتها من الفائدة الربوية، وقد حاز بعضها نجاحا كبيرا بمختلف المعايير، صحيح أن عددا قليلا منها لم يوفق تمام التوفيق بسبب سوء الإدارة لنقص الإخلاص أو نقص الكفاءة، أو بسبب ظروف خارجية، ولكن نجاح مؤسسة من هذه المؤسسات دليل كاف على كفاءة الأساليب المالية الإسلامية التي طبقتها؛ إذ لو تخلفت كفاءتها لاستحال نجاح المؤسسة، وعلى العكس من ذلك فإن فشل بعض هذه المؤسسات لا يدل على عدم كفاءة الأساليب الإسلامية؛ لأن الفشل له أسباب كثيرة أخرى كما أشرنا.

ويجب أن نتذكر أنه في تجارب العامل مع المؤسسات المصرفية التي اعتمدت نظام الفائدة الربوي تكررت الإخفاقات، ولا حاجة للتذكير بأبرزها في المملكة العربية السعودية، وهو انهيار البنك الوطني؛ لأنه كابوس لا ينسى.

ولم يقتصر الأمر على قيام مؤسسات مصرفية تعتمد الأساليب المالية الإسلامية، بل إن أكبر دولة إسلامية بعد أندونيسيا -وهي الباكستان - أعلنت تقريرها عام ١٩٨٥ تؤكد فيه: أنها حررت فروع بنوكها المحلية البالغة ٧٠٠٠ فرع من نظام الفائدة، وذلك باستثناء الاتفاقيات السابقة والمعاملات مع الخارج، كما انتهى الأمر بمجموعة الدول الإسلامية إلى أن تتفق على إنشاء بنك للتنمية يسعى لتحقيق أهدافه، ويؤدي أعماله، ملتزما عدم مخالفة أحكام الشريعة، ومتحررا من لعنة الربا، فقام البنك الإسلامي للتنمية ويسير في طريقه بخطى ثابتة.