للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (١)، لكن الخطة لم تنجح؛ لأن الله كشفها وفضحها؛ حاولوا مرة ثانية، فأخذوا يذكرون الأنصار ما جرى بينهم من عداوة وحروب قبل الإسلام، وما تقاولوا به من أشعار الهجاء فيما بينهم، فكشف الله خطتهم بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (٢)، إلى قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} (٣)، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار فوعظهم وذكرهم بنعمة الإسلام، واجتماعهم به بعد الفرقة- فتصافحوا وتعانقوا وفشلت خطة اليهود، وبقي المسلمون أمة واحدة، والله تعالى أمرهم بالاجتماع على الحق، ونهاهم عن الاختلاف والتفرق- فقال تعالى {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (٤)، وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (٥).

وقد شرع لهم سبحانه الاجتماع في أداء العبادات في الصلاة والصيام والحج وطلب العلم. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على اجتماع المسلمين، وينهاهم عن التفرق والاختلاف.

وكان صلى الله عليه وسلم يخبر خبرا معناه الحث على الاجتماع والنهي عن التفرق، فكان يخبر بحدوث تفرق في هذه الأمة، كما حصل للأمم قبلها؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (٦)».

وقال صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة- كلها في النار إلا واحدة. قلنا من هي يا رسول


(١) سورة آل عمران الآية ٧٢
(٢) سورة آل عمران الآية ١٠٠
(٣) سورة آل عمران الآية ١٠٦
(٤) سورة آل عمران الآية ١٠٥
(٥) سورة آل عمران الآية ١٠٣
(٦) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٦)، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٧)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٦)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).